وأصرح من هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم " من نبي الله مسجدا، نبي الله له بيتا في الجنة "، متفق عليه، وهذه جملة مركبة من شرط وجزاء، تقتضي وجود الجزاء بعد الشرط بإجماع أهل العربية!
فرد عليهم ابن القيم بقوله: ما تعنون بقولكم إن الجنة لم تخلق بعد؟!
أتريدون أنها الآن عدم محض، لم تدخل إلى الوجود، بل هي بمنزلة النفخ في الصور وقيام الناس من القبور، فهذا قول باطل قطعا! أم تريدون أنها لم تخلق بكمالها وجميع ما أعد الله فيها لأهلها، وأنها لا يزال الله يحدث فيها شيئا بعد شئ، وإذا دخلها المؤمنون أحدث الله فيها عند دخولهم أمورا أخر، والعبد كلما وسع في أعمال البر، وسع الله له في الجنة، وكلما عمل خيرا، غرس له بها هناك غراس، وبنى له بناء، وأنشئ له من عمله أنواع مما يتمتع به، فهذا حق، لا يمكن رده (1)!
المبشرون بالجنة:
القرآن الكريم مملوء بما يفيد أن الجنة جزاء من عمل صالحا، وجزاء من اتقى، وقد نعتهم تارة بالمفلحين وتارة بالمحسنين، ووعد بأنه يكفر عنهم سيئاتهم، وأنه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وأنهم سينعمون برضا الله وحبه ورحمته وجنته، وأن لهم البشرى بالأجر العظيم، والنعيم المقيم، والأمن في الأخرى وحصول الخير فيها (2)!
الجنة والنار عموما:
للجنة عدة أسماء باعتبار صفاتها، والجنة هو الاسم العام، ومنه سمي البستان جنة، لأنه يستر داخله بالأشجار ويغطيه، ومن أسماء الجنة: دار السلام، لأنها دار السلامة من كل بلية وآفة ومكروه، وهي دار الله، واسمه سبحانه وتعالى