فمن أهل النار، فيقال هذا مقعدك، حتى يبعثك الله تعالى يوم القيامة، وفي الموطأ والسنن من حديث كعب بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنما نسمة المؤمن طير يعلق في شجر الجنة حتى يرجعها الله إلى جسده يوم القيامة "، وهذا صريح في دخول الجنة قبل يوم القيامة (1)!
ويقول ابن القيم إن احتجاجهم بقوله تعالى " كل شئ هالك إلا وجهه "، فإنما أتى من عدم فهمهم معنى الآية، وظنهم أن لو كانت الجنة مخلوقة الآن، لوجب اضطرار أن تفنى يوم القيامة، وأن يهلك كل ما فيها ويموت، فتموت الحور العين التي فيها والولدان، وقد أخبر الله سبحانه أن الدار دار خلود ومن فيها مخلدون لا يموتون فيها - وإنما وفق لمعناها السلف وأئمة الإسلام، قال البخاري في صحيحه: يقال (كل شئ هالك إلا وجهه)، إلا ملكه، ويقال إلا ما أريد به وجهه.
وقال أبو عبد الله أحمد بن حنبل " أي كل شئ مما كتب الله عليه الفناء والهلاك هالك والجنة والنار خلقتا للبقاء، لا للفناء ولا للهلاك، وهما من الآخرة، لا من الدنيا "!
قالوا وقد روى الترمذي من حديث ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لقيت إبراهيم ليلة أسري بي، فقال: يا محمد أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها " سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر "، قال هذا حديث حسن غريب!
قالوا: " فلو كانت الجنة مخلوقة مفروغا منها، لم تكن قيعانا ولم يكن لهذا الغرس معنى "، قالوا وقد قال تعالى عن امرأة فرعون إنها قالت " رب ابن لي عندك بيتا في الجنة "، ومحال أن يقول قائل لمن بنى له بيتا: ابن لي بيتا!