كما يعانيه أبناء آدم وحواء، ولكنه لقي الله مطمئنا مسرورا، لقيامه بتأدية رسالته خير قيام، ورجعت بموته روحه إلى ربها راضية مرضية، لتدخل في صميم عباد الله المخلصين، ولتدخل جنته، مميزة بالوسيلة والدرجة الرفيعة والمقام المحمود الذي وعده به ربه!
فعن عائشة رضي الله عنها، قالت " لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم، واشتد به وجعه، استأذن أزواجه أن يمرض في بيتي، فأذن له، فخرج بين رجلين أحدهما العباس بن عبد المطلب، ورجل آخر، يخط رجلاه في الأرض، فلما دخل بيتي، واشتد وجعه، قال: أهريقوا على من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن، لعلي أعهد إلى الناس، فأجلسناه في مخضب (1) لحفصة، ثم طفقنا نصب عليه الماء من تلك القرب، حتى طفق يشير إلينا أن قد فعلتن، ثم خرج إلى الناس، فصلى بهم، وخطبهم (2) "!
وفاة النبي:
اختار الله سبحانه لمحمد لقاءه ورضي له ما عنده، فقبضه إليه كريما، باقية روحه ساطعة النور في عالم الظهور، مات ولم يمت، نعم برضوان الله وحب المخلصين من عباده في السماوات والأرضين، فهوى بموته نجم عظيم، ولكنه صعد ثانية إلى السماء، وأنار الأرض بمروره عليها نور الهداية وعبير الخير، هدى الله به عباده من الضلالة، وأنقذهم بمكانه من الجهالة، بعثه الله شهيدا وبشيرا ونذيرا.
وقد خير بين الدنيا، وبين ما عند ربه، فاختار ما عند ربه، وكانت آخر كلمة تكلم بها، الرفيق الأعلى (وهم النبيون يسكنون أعلا عليين)، فعن عائشة رضي الله عنه، قالت: كانت النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو صحيح " لن يقبض نبي، حتى يرى مقعده من الجنة، ثم يحيا أو يخير! "، فلما نزل به وروايته على فخذي غشي عليه ثم أفاق، فأشخص بصره إلى سقف البيت، ثم قال " اللهم