الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٢٧٧
إنما يشفي الله! فأخذه، فلم يزل يعذبه، حتى دل على الراهب، فجئ بالراهب فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى، فدعا بالمنشار، فوضعه على مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه، ثم جئ بالغلام، فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى، فدفعه إلى نفر من أصحابه، وقال اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل، فإذا بلغتم ذروته، فإن رجع عن دينه، وإلا فاطرحوه، فذهبوا به، فصعدوا به الجبل، فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت! فرجف بهم الجبل، فسقطوا، وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم الله! فدفعه إلى نفر آخرين، وقال: اذهبوا به في قرقور (1) وتوسطوا به البحر، فإن رجع عن دينه، وإلا فاقذفوه! فذهبوا به، فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت! فانكفأت بهم السفينة - فغرقوا، وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟
قال: كفانيهم الله! ثم قال للملك: إنك لست بقاتلي، حتى تفعل ما آمرك به!
قال: ما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد (2) واحد، وتصلبني على جذع، وتأخذ سهما من كنانتي (3) ثم تضع السهم في كبد القوس (4)، ثم قل: بسم الله رب الغلام! ثم ارم، فإنك إذا فعلت ذلك، قتلتني! فجمع الناس، وفعل ما أمره به، ثم رماه، فوقع السهم في صدغه، فوضع يده على صدغه موضع السهم، فمات رحمه الله، فقال الناس: آمنا برب الغلام! ثلاثا، فأتى الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر، قد والله نزل بك حذرك، قد آمن الناس برب الغلام! فأمر بالأخدود (5) بأفواه السكك، فخدت وأضرم فيها النيران، وقال:
من لم يرجع عن دينه فألقوه فيها، فجاءت امرأة ومعها صبي، فتقاعست (6) أن تقع فيها، فقال الغلام لها: يا أم اصبري! فإنك على حق (7) ".

(1) بالضم سفينة صغيرة.
(2) وجه الأرض.
(3) جعبة النشاب.
(4) وسطها.
(5) الأخدود: شق في الأرض وجمعه أخاديد.
(6) التقاعس: التأخر والمشي إلى الوراء.
(7) راجع ص 207 من تيسير الوصول للشيباني ج 3.
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»