الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٢٧٩
ابني مثلها، فقلت اللهم اجعلني مثلها! فقال: إن ذلك الرجل كان جبارا، فقلت اللهم لا تجعلني مثله، وإن هذه يقولون لها زنيت سرقت، ولم تزن ولم تسرق، فقلت اللهم اجعلني مثلها (1) ".
هذه بعض أمثلة قصص ضرب لنا بها الرسول الكريم الأمثال، لكي يقرر في نفوسنا ما يريد تقريره، ويثبت في قلوبنا المبادئ السامية التي يبغي تثبيتها، وهناك أمثلة أخرى من الأمثال ذكرها نبينا الكريم، لوجود علاقة تشابه بين ما ذكره وما يبغي تقريره، من ذلك: ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يوشك إن طالت بك مدة أن ترى قوما في أيديهم مثل أذناب البقر، يغدون في غضب الله ويروحون في سخط الله! وقال صنفان من أهل النار ولم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر، يضربون بها النساء، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤسهن كأسنمة البخت، لا يدخلن الجنة ولا يرحن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا "! ويقول الشيباني في تفسيره إن هذه النسوة كاسيات أي بنعم الله، عاريات من شكره، وقيل يسترن بعض أجسامهم ويكشفهن بعضها، وقيل يلبسن ثيابا رقيقة تصف ما تحتها، فهن كاسيات في ظاهر الأمر عاريات في الحقيقة، ويفسر قوله مائلات بأنهن زائغات عن طاعة الله وما يلزمهن من حفظ الفروج، وقوله مميلات أي يعلمن غيرهن، وقيل مائلات للشر، مميلات للرجال إلى الفتنة، وقيل غير ذلك، وقيل رؤسهن كأسنمة البخت أي يكبرنها من المانع والخمر والعمائم، أو بصلة الشعر بما يصيرها كأسنمة البخت (2) ".
ويكره نبينا الكريم الصور والستور، لأن الصور - كما يقول الإمام محمد عبده - كانت أيام الوثنية تتخذ لسببين، الأول اللهو، والثاني التبرك بمثال من ترسم صورته من الصالحين، والأول مما يبغضه الدين، والثاني جاء الإسلام لمحوه، والمصور في الحالين شاغل عن الله، أو ممهد للإشراك به، فإذا زال هذان

(1) راجع ص 207 و 208 من تيسير الوصول ج 3 للشيباني.
(2) راجع ص 394 - 396 من تيسير الوصول ج 3 ص للشيباني. والبخت (بالضم) نوع من الإبل والجمع البخاتي.
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»