الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ١٠٥
عن منطقهم، وظاهرهم عن باطنهم، لا يخالفون الدين ولا يختلفون فيه، فهو بينهم شاهد صادق، وصامت ناطق (1) "!
ولقد جاء في الفصلين الواحد بعد المائتين والثاني بعد المائتين من إنجيل برنابا عن حب الخاطئ التائب لله:
" حينئذ اجتمع الكتبة والفريسيون، فقال لهم يسوع " قولوا لي! لو كان لأحدكم مائة خروف وأضاع واحدا منها، ألا ينشده تاركا التسعة والتسعين؟
ومتى وجدته، ألا تضعه على منكبيك؟ وبعد أن تدعو الجيران، تقول لهم " افرحوا معي، لأني وجدت الخروف الذي فقدته " حقا إنك تفعل هكذا ألا قولوا لي، أيحب الله الإنسان أقل من ذلك؟ وهو لأجله خلق العالم، لعمر الله هكذا يكون فرح في حضرة ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب، لأن الخطاة يظهرون رحمة الله! قولوا لي من هو أشد حبا للطبيب، الذين لم يمرضوا مطلقا، أم الذين شفاهم الطبيب من أمراض خطرة؟ " قال له الفريسيون " كيف يحب الصحيح الطبيب؟ حقا إنما يحبه لأنه ليس بمريض، ولما لم تكن له معرفة بالمرض، لا يحب الطبيب إلا قليلا "، حينئذ تكلم يسوع بحدة الروح قائلا " لعمر الله إن لسانكم يدين كبرياءكم، لأن الخاطئ التائب يحب إلهنا أكثر من البار، لأنه يعرف رحمة الله العظيمة له، لأنه ليس للبار معرفة برحمة الله ولذلك يكون الفرح عند ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب، أكثر من تسعة وتسعين بارا! أين الأبرار في زمننا؟ لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته، إن عدد الأبرار غير الأبرار لعظيم، لأن حالهم شبيهة بحال الشيطان "، أجاب الكتبة والفريسيون " إننا خطاة، لذلك يرحمنا الله "، وهم إنما قالوا هذا ليجربوه، لأن الكتبة والفريسين يحسبون أكبر إهانة أن يدعوا خطاة، فقال حينئذ يسوع " إني أخشى أن تكونوا أبرارا غير أبرار، فإنكم إذا كنتم قد أخطأتم وتنكرون خطيئتكم، داعين أنفسكم أبرارا، فأنتم غير أبرار وإذا كنتم تحسبون أنفسكم في قلوبكم أبرارا وتقولون بلسانكم إنكم خطاة، فتكونون إذا أبرارا غير أبرار مرتين "، فلما سمع الكتبة والفريسيون هذا، تحيروا وانصرفوا تاركين يسوع وتلاميذه في سلام (2)... "

(١) راجع ص ٢٨٥ و ٢٨٦ من نهج البلاغة ج ١.
(2) راجع ص 298 و 299 من إنجيل برنابا.
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»