المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ٣٤٦
معنى اللهو الباطل المنهي عنه وأنه نهي كراهة لا نهي تحريم (اللذة التي لا تعقب لذة في دار القرار ولا ألما، ولا تمنع لذة دار القرار؛ فهذه لذة باطلة؛ إذ لا منفعة فيها ولا مضرة، وزمانها يسير، ليس لتمتع النفس بها قدر، وهي لا بد أن تشغل عما هو خير منها في الآخرة، وإن لم تشغل عن أصل اللذة في الآخرة.
وهذا هو الذي عناه النبي (ص) بقوله: «كل لهو يلهو به الرجل فهو باطل؛ إلا رميه بقوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته امرأته؛ فإنهن من الحق» (1).
... ولكن ما أعان على اللذة المقصودة من الجهاد والنكاح؛ فهو حق، وأما ما لم يعن على ذلك؛ فهو باطل لا فائدة فيه، ولكن إذا لم يكن فيه مضرة راجحة لم يحرم ولم ينه عنه، ولكن قد يكون فعله مكروها لأنه يصد عن اللذة المطلوبة؛ إذ لو اشتغل اللاهي حين لهوه بما ينفعه ويطلب له اللذة المقصودة لكان خيرا له، والنفوس الضعيفة كنفوس الصبيان والنساء قد لا تشتغل - إذا تركته - بما هو خير منها لها، بل قد تشتغل بما هو شر منه أو بما يكون التقرب إلى الله بتركه؛ فيكون تمكينها من ذلك من باب الإحسان إليها والصدقة عليها، كإطعامها وإسقائها... ومحبة النفوس للباطل نقص، لكن ليس كل الخلق مأمورين بالكمال، ولا يمكن ذلك فيهم، فإذا فعلوا ما به يدخلون الجنة لم يحرم عليهم ما لا يمنعهم من دخولها) (2)

(١) [صحيح بنحوه]. رواه الترمذي في (فضائل الجهاد، باب ما جاء في فضل الرمي في سبيل الله، ١٦٣٧)، والنسائي في (الخيل، باب تأديب الرجل فرسه، ٣٥٧٨)، وأبو داود في (الجهاد، باب في الرمي، 2513)، والنسائي في (كتاب عشرة النساء، رقم 52). والحديث أورده الألباني في «ضعيف أبي داود» و «الترمذي» و «النسائي»، ولكن انظر: «السلسة الصحيحة» (315)، وليس هو في «صحيح مسلم» كما ذكر المؤلف.
(2) «الاستقامة» (2 / 153 - 157).
(٣٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»