المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ٣٤٨
الحكمة في دفنه (في بيته والفرق بين زيارة قبره وزيارة غيره من المسلمين (إن سنة المسلمين أن يدفنوا في الصحراء تحت السماء، كما كان هو (ص) يدفن أصحابه في البقيع، ولم يدفن أحدا منهم تحت سقف في بيت، ولا بنى على أحد منهم سقفا ولا حائطا؛ بل قد ثبت عنه في «الصحيح» أنه نهى أن يبنى على القبور (1)، وهو (ص) دفن في بيته تحت السقف، وذلك لما بينته عائشة رضي الله عنها من أنه لو دفن في الصحراء لخيف أن يتخذ قبره مسجدا (2)؛ فإن عامة الناس لما في قلوبهم من تعظيمه (ص) قد يقصدون الصلاة عنده، بل قد يرون ذلك أفضل لهم من الصلاة في مكان آخر، كما فعل أهل الكتاب حيث اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، ورأوا الصلاة عندها أفضل من الصلاة عند غيرها لما في النفوس من الشرك، والذين يفعلون ذلك يرون أنهم يتقربون بذلك إلى الله تعالى، وأن ذلك من أفضل أعمالهم، وهم ملعونون، قد لعنهم الله ورسوله؛ كما قال (ص): «لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (3)...
فلما كان دفنه في بيته من خصائصه لئلا يتخذ قبره مسجدا؛ فهو (ص) قد نهى أن يتخذ قبره عيدا؛ أي: يجتمع عنده في أوقات معتادة، فقال: «صلوا علي

(1) كما في «صحيح مسلم» (كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبور، 970) عن جابر رضي الله عنه؛ قال: نهى رسول الله (ص) أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه.
(2) كما في «صحيح البخاري» (كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، 1330) عنها عن النبي (ص) قال في مرضه الذي مات فيه: «لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدا». قالت: ولولا ذلك؛ لأبرزوا قبره؛ غير أني أخشى أن يتخذ مسجدا.
(3) انظر الذي قبله.
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»