الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات، وقد قلده محمد بن عبد الوهاب في هذا الموضع أيضا، فقسم التوحيد في بعض رسائله إلى ثلاثة أقسام، وتقدم في الموضع الأول والثاني والرابع من كلامه ما يدل صريحا على أن التوحيد ينقسم إلى قسمين فقط:
توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، فليتأمل الألباء هذا الخبط.
(الثاني): الحق معنى من المعاني لا يصح تبعيضه والباطل كذلك، فتقويم كلامه هذا = على مقتضى زعمه = أن يقول: علماء الإسلام قاطبة خرجوا عن الحق الذي هو الإيمان، ودخلوا في الباطل الذي هو الكفر، أي كفروا، والعياذ بالله، وماذا بعد الحق إلا الضلال، ولم يقل عاقل من المسلمين إن الإيمان والكفر يتجزءان لذاتهما، فقد كفر المسلمين في أول هذا الكلام، وليس تكفيرهم بالتعبير بلفظ بعض في وسطه، وصرح بتكفيرهم في آخره كما سأحلله.
(الثالث): قوله: (خرجوا عن بعض الحق المشترك بينهم وبين غيرهم) كلام يضحك منه المجانين قبل العقلاء، لأن معناه توحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات بضاعة مشتركة بينه وبين علماء الإسلام فخرجوا هم عن هذه الشركة باختيارهم وتركوها له خالصة.
(الرابع): وهو أشد فسادا مما قبله قوله: (وأخرجوا من التوحيد ما هو منه كتوحيد الألوهية وإثبات حقائق أسماء الله وصفاته)، فإنه يدل على أن علماء الإسلام كلهم يعرفون أقسام التوحيد الثلاثة حق المعرفة، ومع ذلك أخرجوا منه قسمين عمدا وهما: توحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات، وأبقوا لأنفسهم توحيد الربوبية الذي أقر به المشركون.
(الخامس) قوله: (وإثبات حقائق أسماء الله وصفاته) تلبيس فاسد فإن الله تبارك وتعالى لم يكلف عباده بمعرفة (إثبات حقائق أسماء الله وصفاته)، ورسوله المبعوث رحمة للعالمين لم يأمر الناس لما دعاهم إلى الله بذلك، وإنما أمر الله عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وأمرنا تعالى أن ندعوه بأسمائه الحسنى ولم يأمرنا بإثبات حقائقها، وأمرنا باتباع نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم في جميع ما آتانا به من الأوامر واجتناب ما نهانا