من الأسباب التي يجري عندها الخير ويخلقه، قلنا لكم إننا كذلك فلا فرق بيننا وبينكم، وإن فرقتم بين الأحياء والأموات قلنا لا فرق فإن الفاعل في كل ذلك هو الله تعالى لا الحي ولا الميت، وإذا كان المتوسل في الحقيقة إنما توسل بمنزلة المتوسل به عند الله تعالى، والفاعل هو الله عز وجل لم يكن هناك معنى للتفرقة بين الحي والميت فإن منزلته ميتا كمنزلته حيا، على أن تلك التفرقة لا ينبغي صدورها من مؤمن فضلا عن عالم فإن الأرواح بعد موتها باقية مدركة فاهمة على نحو ما كانت عليه في حياتها أو أشد، ولذلك يتساءلون عن الأحياء ويفرحون ويحزنون بما يكون منهم ويدعون لهم إلى آخر ما جاء في السنة.
وقد دعا آدم عليه الصلاة والسلام غيره لنبينا صلى الله تعالى عليه وسلم ليلة المعراج، وقد شرع لنا أن نخاطبهم خطاب الحاضر المشاهد في قولنا: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين) ونخاطب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في كل صلاة بقولنا: (السلام عليك أيها النبي)، وتعرض أعمالنا عليه صلى الله تعالى عليه وسلم فإن وجد خيرا حمد الله تعالى وإن وجد شرا استغفر لنا، بل تعرض أعمالنا على آبائنا وأهلينا كما جاء في السنة، وقد رأي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم موسى عليه الصلاة والسلام يصلي في قبره ورآه في السماء السادسة وراجعه صلى الله تعالى عليه وسلم في أمر الصلاة وذكر له حال أمته، وقد بلغنا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم السلام عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وقد اجتمعت الأنبياء في بيت المقدس ليلة المعراج وخطبوا وقالوا وفعلوا، وسمع بعض الصحابة ذلك الميت الذي ضرب خباءه على قبره يقرأ سورة الملك الخ ما جاء في السنة الغراء.
وقد أثبت ابن تيمية، وهو مرجعهم الوحيد ومؤسس مذهبهم، كرامات الأولياء في كتبه، وكذلك ابن القيم، وهو من أئمتهم، أثبت في كتاب الروح أن الروح القوية كروح أبي بكر رضي الله تعالى عنه ربما هزمت جيشا إلى آخر ما قال، وكذلك الشوكاني، وهو من أئمتهم أيضا، أثبت جواز التوسل به صلى الله تعالى عليه وسلم بل بغيره من الأولياء والعلماء ورد على من قال يقصر الجواز عليه صلى الله عليه وسلم (كالعز بن عبد السلام) فإن المدرك فيه واحد، وهو مزية المتوسل به وقربه ومنزلته عند الله، وإن كان