التوسل بالنبي (ص) وجهلة الوهابيون - أبي حامد بن مرزوق - الصفحة ٢٥٨
سب وإقذاع وليس فيها غير ذلك ولا غرو، فسلاح السفهاء بذاءة اللسان لا قوة البرهان.
وإني أبادر فأقول: إن كل ما يجد القارئ في مقالي هذا من كلمة لاذعة فإنا لا نقصد بها إلا سفهاءهم وأراذلهم، وحاشا أن نقصد منهم عاقلا أو كاملا، فإن سبق القلم بغير ذلك فهو على غير قصد منا وإنما جرنا إليه جهل الجاهلين وجمود الجامدين:
وجرم جره سفهاء قوم * فحل بغير جانيه البلاء وقد خيل لأولئك السفهاء أنهم سينسفون الحق وأهله بسفاهتهم التي لا تزيدهم عندنا إلا صغارا واحتقارا، ولا نقيم لها وزنا وإن تفننوا فيها، وكم في كلامنا من إشارات لم يفهموها ورموز لم يدروا المراد منها وإن ظنوا أنهم مبرزون فيما يكتبون.
إن العصافير لما قام قائمها * توهمت أنها صارت شواهينا ويعز علي أن أقول: إن مجلة أم القرى: (وإنا نحترمها كل الاحترام) كان فيها مقال طويل الذيل من هذا القبيل، وللحق والإنصاف نقول إنه جاءنا رسالة من بعض المكيين تحت إمضاء (ا. د) سلك فيها الكاتب مسلك الأدب، ولم يقذع أقذاع أولئك الزعانف، وربما نشرناها وعلقنا عليها تحقيقا للحق وإبطالا لباطل.
أما اليوم فنقول: ليعلم القارئ الكريم أن إسناد الفعل تارة يكون لكاسبه كفعل فلان كذا وتارة يكون لخالقه كفعل الله كذا، والكل حقيقة في اللسان العربي، وقد جاء ذلك في القرآن الشريف: (والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) و (من يهد الله فهو المهتدي) ومع هذا فقد قال: (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) وهو كثير معروف.
فإن منع أولئك الجهال الإسناد على وجه الاكتساب فهم مجانين، وإن ادعوا أن الواقع في كلام الناس هو الإسناد للخالق لا للكاسب فهي دعوى كاذبة لم يقم عليها برهان، وقد استباحوا بها دماء المسلمين جهلا وضلالا، ومن منع الإسناد على وجه الكسب سقطت مخاطبته وانقطع الكلام معه.
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»