التوسل بالنبي (ص) وجهلة الوهابيون - أبي حامد بن مرزوق - الصفحة ٢٤٥
من اتبعه أن يفسر القرآن بحسب فهمه، فكان كل واحد منهم يفعل ذلك، ولو كان لا يحفظ القرآن ولا شيئا منه، وأمرهم أن يعملوا ويحكموا بما يفهمونه، وجعل ذلك مقدما على كتب العلم ونصوص العلماء.
وكان يقول في كثير من أقوال الأئمة الأربعة ليست بشئ، وتارة يتستر فيقول إن الأئمة على حق ويقدح في أتباعهم الذين ألفوا وحرروا مذاهبهم فيقول إنهم ضلوا وأضلوا، وتارة يقول إن الشريعة واحدة، فما لهؤلاء جعلوها مذاهب أربعة؟، هذا مصري وشامي وهندي، يعني بذلك أكابر علماء الحنابلة وغيرهم ممن لهم تآليف في الرد عليه.
فكان ضابط الحق عنده ما وافق هواه وإن خالف النصوص الشرعية وإجماع الأمة، وضابط الباطل عنده ما لم يوافق هواه وإن كان على نص جلي أجمعت عليه الأمة.
قلت: هذا الذي قالوه عنه يطبقه الآن مقلدوه أتم تطبيق، ولا سيما الطعن في الأئمة وعلماء الإسلام، وادعاء الاجتهاد والتمسك بالكتاب والسنة، فإنه بضاعتهم التي تروج في سوق العامة ولا يحسنون غيرها، ما عدا الاحراق لكتب الفقه والتفسير والحديث فإنا لم نعلمه حصل منهم في بهذا العصر.
نعم! يتلفون الكتب المخالفة لهواهم الرداة عليهم جزما، وما عدا الحكم بما يفهمونه فإنهم الآن يحكمون في المدن والقرى ظاهرا بمذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، وكان ينتقص النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كثيرا بعبارات مختلفة ويزعم أن قصده المحافظة على التوحيد، فمنها قوله: إنه طارش، وهو في لغة أهل نجد بمعنى الشخص المرسل من قوم إلى آخرين، فمراده أنه صلى الله تعالى عليه وسلم حامل كتب أي غاية أمره أنه كالطارش الذي يرسله الأمير أو غيره في أمر للناس ليبلغهم إياه ثم ينصرف.
ومنها أنه قال: نظرت في قصة الحديبية فوجدت بها كذا وكذا كذبة إلى غير ذلك مما يشبه هذا، حتى أن أتباعه كانوا يفعلون مثل ذلك أيضا ويقولون مثل قوله، بل
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»