التوسل بالنبي (ص) وجهلة الوهابيون - أبي حامد بن مرزوق - الصفحة ٢٣٨
الثامن: - مما هو مفتعل قطعا من المفتتنين بالحراني إدخاله الإمام ابن دقيق العيد في المثنين عليه، وهو باطل بوجهين:
الأول: - ابن دقيق العيد توفي سنة ثلاث وسبعمائة، وابن تيمية إنما دخل مصر سنة خمس وسبعمائة.
الثاني: - الكلام الذي زعم المفتعل مدح ابن دقيق العيد به ابن تيمية بعضه مؤداه الكفر وبعضه أقرب إلى ذم ابن تيمية من مدح مما يدل على منتهى غباوة المفتعل، وهاهو:
(ما كنت أظن أن الله بقي يخلق مثلك)، وركاكة هذا الكلام في المبنى وفساده في المعنى يدركهما كل من له إلمام بالعلم.
ولا ريب أنه صريح في تعجيز القدرة الإلهية، لأن معناه نفي ظنه خلق الله تعالى مثل فلان، ونفي ظنه ذلك تعجيز للقدرة الإلهية، وتعجيز القدرة الإلهية كفر، فيستحيل صدور هذا الكلام من أي عالم فضلا عن الإمام ابن دقيق العيد الذي تسنم فنون العلم، وزعم المفتعل أيضا أن ابن دقيق العيد سئل بعد انقضاء المجلس عن ابن تيمية فقال: (هو رجل حفظه)، فقيل له: فهلا تكلمت معه؟، فقال: (هذا رجل يحب الكلام وأنا أحب السكوت)، هذا الكلام أقرب إلى ذم ابن تيمية من مدحه، لأن الحفظة معناه كثير الحفظ ولا يلزم من كثرة حفظه قوة علمه وفهمه، والذي يحب الكلام يهذر، والمهذار يغلط كثيرا ولا بد، والذي يحب السكوت صوابه أكثر من خطئه في العادة المستمرة، رحم الله عبدا قال خيرا فغنم أو سكت فسلم.
وزعم أيضا أن ابن دقيق العيد قال: (لما اجتمعت بابن تيمية رأيت رجلا العلوم كلها بين عينيه يأخذ منها ما يريد ويدع ما يريد)، وهذا باطل مستحيل صدوره من ابن دقيق العيد، فابن تيمية لا يعرف إلا علم الحديث على مجازفته في الطعن في الأحاديث التي لا توافق هواه وسوء فهمه لها، وغيره من العلوم إنما هو متهجم عليه.
قال التاج السبكي: في طبقاته في ترجمة ابن دقيق العيد: " إنه كان لا يزيد في القول لجميع الناس الكبير والصغير الأمير والمأمور، على: (يا إنسان)، ما عدا الباحي وابن الرفعة، فإنه كان يقول للأول، يا إمام وللثاني: يا فقيه ".
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»