وقوله: (ونسبوه إلى الزندقة لقوله: إن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لا يستغاث به)، وتقدم تقريره بالحج القاطعة في كلام الإمام السبكي، وفي كلامي.
وقوله: (ونسبه قوم إلى السعي في الإمامة إلى قوله وكان إذا حوقق)، غير مستنكر هذا منه ولكن بينه وبين ابن تومرت من الفرق كما بين السماء والأرض في كل شئ، فأفعل التفضيل لا يدخل بينهما.
وقوله: (وكان إذا حوقق وألزم إلى قوله ودار بينه وبين أبي حيان كلام)، دليل على جهله وانطوائه على غرض سئ.
ولم نر ولم نسمع في التاريخ الإسلامي أن البدعي إذا ناظر سنيا فألزمه السني الحجة، قال لم أرد هذا وإنما أردت كذا ويذكر احتمالا بعيدا روغان الثعلب، فإما أن يرجع إلى الحق وهم قليل وإما أن يسكت ويبقى مصرا على ضلاله.
وقد ناطر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما الحروريين فألزمهم الحجة فافترقوا على ثلاث فرق: فرقة رجعت إلى حيدرة كرم الله وجهه، وفرقة بقيت متحيرة، وفرقة صممت على الضلال ومحاربة أمير المؤمنين حيدرة كرم الله وجهه.
وناظر أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه صاحبي شوذب الخارجي فألزمهما الحجة فرجع أحدهما إلى الحق وتاب، وصمم الآخر على ضلاله.
وناظر الإمام أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه الزنادقة فقطعهم فتابوا على يده، وناظر أيضا أصحاب الضحاك الخارجي فقطعهم ولم يرجعوا عن عقيدتهم، وناظر الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه كلا من حفص الفرد وبشر المريسي فألزمهما الحجة ولم يرجعا عن ضلالهما، وناظر أبو محمد الأذرمي القاضي أحمد بن أبي داود رئيس المعتزلة إمام الواثق فأفحمه ولم يرجع عن عقيدته، وناظر الإمام أبو الحسن الأشعري شيخه الجبائي فألزمه الحجة ولم يجرع عن اعتزاله، وناظر القاضي أبو بكر الباقلاني جماعة من المعتزلة في رؤية الله تعالى وغيرها عند الصاحب بن عباد فأفحمهم ولم يرجعوا عن اعتزالهم.