وقد أثبتنا النقل عن أكثرهم صريحا بإيقاع الثلاث، ولم يظهر لم مخالف، فماذا بعد الحق إلا الضلال؟، وعن هذا قلنا: لو حكم حاكم أن الثلاث بفم واحد واحدة لم ينفذ حكمه لأنه لا يسوغ الاجتهاد فيه فهو خلاف لا اختلاف، والرواية عن أنس رضي الله عنه بأنها ثلاث أسندها الطحاوي وغيره.
وغاية الأمر أن يصير كبيع أمهات الأولاد أجمع على نفيه، وكن في الزمن الأول يبعن، وبعد ثبوت إجماع الصحابة رضي الله عنهم لا حاجة إلى الاشتغال بالجواب إ ه.
وأما دعواه الاجماع القديم وإنه لم تجمع الأمة على خلافه فهي دعوى عجيبة غريبة، لا أدري كيف ساغ لابن القيم أن يتوكأ عليها ويتخذها حجة، مع أن انعقاد الاجماع لا يكن إلا إذا صح اشتهار الفتوى بما زعمه وبلوغها للكل والإقرار والسكوت عليها، وكل ذلك لم يثبت، وإنما أخذ ذلك من سياق رواية ابن عباس رضي الله عنهما وقد علمت ما فيه، على أنه لو صح أن فيه إجماعا قديما سابقا على مناداة عمر يلزم أن عمر خالف السنة الصحيحة وخالف الاجماع أيضا بمحض رأيه.
ويلزم من أن كل من في عصر عمر، وكان موجودا وقت المناداة ووافقوه على ما أمضاه قد خالفوا السنة والإجماع أيضا، مع أن الذين وافقوه على ذلك هم جميع المجتهدين في عصره من الصحابة والتابعين، إذ لم ينقل عن أحد منهم أنه خالفه، فتكون الأمة قد أجمعت ثانيا على خلاف ما أجمعت عليه أولا، فيلزم أن تكون الأمة قد أجمعت على خطأ: أما أولا وأما ثانيا وكل ذلك باطل.
وأما قوله: (ولكن رأي أمير المؤمنين أن الناس قد استهانوا بأمر الطالق الخ.) فهو قول باطل، لأن العقوبة لا يجوز أن تكون بما يخالف السنة والإجماع، وإحداث حكم على خلافهما وحاشا عمر أن يرى من المصلحة عقوبة الناس بإحداث حكم على خلاف السنة والإجماع، مع أن إحداث ذلك أكبر جرما مما فعله الناس لو صح إ ه، تحقيق شيخنا العلامة المرحوم محمد بخيت المطيعي، والشوكاني من المتشبعين بما لم يعطوا، المقدسين ابن تيمية، وهو أشد في هذه المسألة وقاحة وسفاهة من ابن القيم قال في نيل