الأدب مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بعد موته كما كان في حياته.
وقد روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عني أنه قال: لا ينبغي رفع الصوت على نبي حيا ولا ميتا، وروي عن عائشة رضي الله تعالى عنها إنها كانت تسمع صوت الوتد يوتد والمسمار يضرب في بعض الدور المطنبة بمسجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فترسل إليهم: لا تؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما عمل علي بن أبي طالب رضي الله عنه مصراعي داره إلا بالمناصع توقيا لذلك = هكذا رواه الحسيني في أخبار المدينة =.
وهذا مما يدل على أنهم كانوا يرون أنه حي، وعن عروة قال وقع رجل في علي عند عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، فقال له عمر: قبحك الله لقد آذيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في قبره، ومن نظر سير السلف الصالحين والصحابة والتابعين علم أنهم كانوا في غاية الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته كما كانوا في حياته وكانوا مع قبره الشريف كذلك.
ثم قال: ولذلك كانت الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين يغضون أصواتهم في مسجده صلى الله تعالى عليه وسلم تعظيما له.
ففي البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال لرجلين من أهل الطائف: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، ولو جمعنا الأحاديث الصحيحة التي فيما ما كانت الصحابة عليه من تعظيم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وتعظيم آثاره وأدبهم معه لجاءت مجلدات.
ثم قال: الفصل الخامس، كان المقصود بهذا كله تحقيق السماع ونحوه من الأعراض بعد الموت، فإنه قد يقال إن هذه الأعراض مشروطة بالحياة، فكيف تحصل بعد الموت وهذا خيال ضعيف؟ لأنا لا ندعي أن الموصوف بالموت موصوف بالسماع، وإنما ندعي أن السماع بعد الموت حاصل لحي، وهو إما الروح وحدها حالة كون الجسد ميتا أو متصلة بالبدن حالة عود الحياة إليه، والإنسان فيه أمران: جسد ونفس، فالجسد إذا مات ولم تعد إليه الحياة لا نقول بقيام شئ من الأعراض المشروطة بالحياة