الملأ، وهم الجن والإنس وفيهم مردة الشياطين، فأتى به الذي عنده علم من الكتاب ولم يتخلخل.
وقد أجمع أهل العلم إن هذا من نوع الكرامة، والله تعالى ذكره، في كتابه العزيز في مقام الافتخار لذلك الرجل الصالح ولم يعتب على سليمان ولم يقل له لم دعوت غيري وأنا أقرب إليك من حبل الوريد، وعبيدي غير قادرين على هذا الأمر الذي لا يقدر عليه غيري، وذلك لأن نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام يعلم أن ذلك من التماس الأسباب، وهو من المشروع الذي أمر الله تعالى به وكذلك الطلب من الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم أو من شهداء وصلحاء أمته إنما هو من نوع الكرامة والتسبب، والفاعل الحقيقي في ذلك هو الله تعالى، وكرامات الأولياء داخلة في معجزات الأنبياء لأنها بواسطتهم تكون للأولياء بسبب متابعتهم للأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
الرابع: قوله أيضا: (المأمور بها في حقه)، افتراء على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فلو استظهر هو وجميع المفتونين به بالثقلين على إثبات إن الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم أمر بالتوسل بأفعاله وأفعال العباد فقط لم يستطيعوا ذلك.
وحديث الأعمى نص صريح في التوسل بجاهه صلى الله تعالى عليه وسلم، وكذلك قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا، وقد أوله في رده على الأخنائي ص 198 بحذف مضاف قال ومعنى: (كنا نتوسل إليك بنبينا)، أي بدعائه وشفاعته، ولم يرد عمر بقوله: (كنا نتوسل إليك بنبينا)، أي نسألك بحرمته، وثرثر ثم قال: (وكثير من الناس يغلط في معنى قول عمر)، وكلامه هذا فاسد بأربعة أوجه:
الأول: كلام أمير المؤمنين عمر نص في التوسل بجاهه صلى الله تعالى عليه وسلم لا يقبل التأويل.
الثاني: الحذف على خلاف الأصل.
الثالث: الإرادة محلها القلب ولا علم له بأن عمر لم يرد التوسل بحرمته صلى الله تعالى عليه وسلم إلا من وحي الشيطان إليه.