بما هو مشروع باتفاق المسلمين دس وتلبيس.
الثاني: معنى التوسل والوسيلة لغة عام فالتوسل لغة التقرب، والوسيلة كل ما يتوسل به إلى المقصود وعلى هذا المفسرون، فقد حكى أبو جعفر بن جرير في تفسيره في معناها ثلاثة أقوال: القربة عن سبعة من علماء التابعين، والمسألة عن السدي، والمحبة عن ابن زيد، ومعلوم لكل لبيب أن القربة عامة، ولذلك اقتصر عليها البغوي في تفسيره والنيسابوري في تفسيره قال: ولهذا (أي لأجل عموم الوسيلة لغة) قد تسمى السرقة توسلا، وجعل منها اجتناب النواهي وامتثال الأوامر، والخطيب الشربيني قال في تفسيره:
اطلبوا ما تتوسلون به إلى ثوابه والزلفى منه من فعل الطاعات وترك المعاصي، والزمخشري قال في تفسيره: كل ما يتوسل به أي يتقرب به من قرابة أو صنيعة أو غير ذلك إ ه.
فتحقق بهذا عموم معنى التوسل والوسيلة، وعليه فتتناول قول الناس اللهم إني أتوسل إليك بفلان وتتناول أيضا يا فلان ادع الله لي، فإن طلب دعاء الغير وسيلة إلى الله تعالى إذ هو من قبيل الشفاعة.
وتتناول أيضا إحضار من يتوسل به، ودعا الله بحضرته كإحضار الفاروق للعباس ابن عبد المطلب رضي الله تعالى عنهما، أو الإتيان به مجردا عن الدعاء رجاء أن ينصرهم الله تعالى بوجوده معهم في الحروب كما أشار الإمام البخاري إلى ذلك في صحيحه، حيث ترجم بما يدل على الاستعانة في الحروب بالضعفاء وأخرج فيه ما يدل على أن الاستعانة لمجرد الحضور.
وتتناول أيضا زيارة الصلحاء لتعود بركتهم على الزائر فجميع هذا يقصد منه التوجه إلى الله تعالى والتقرب إليه بالمتوسل به ولا محذور في ذلك، ولا يعد عبادة للمتوسل به، وقد تقدم في بحث العبادة أن إرادة نفع الجاه المجردة عن التذلل لمن يراد جاهه ليست من العبادة في شئ، لأن التذلل والحالة هذه حقيقة إنما هو الله تعالى، والتوسل إليه تعالى بالمعظم عنده مما يقوي ذلك ويؤكده، فقصره التوسل المشروع على أفعاله صلى الله تعالى عليه وسلم، وأفعال العباد جهل باللغة أو تحكم فيها لا مبرر له إلا هواه.
الثالث: قوله (المأمور بها في حقه) افتراء على الله تعالى، فإنه تعالى لم يأمر في كتابه العزيز بالتوسل بأفعاله صلى الله تعالى عليه وسلم وأفعال العباد فقط بل أمر بالوسيلة إليه