ولم يتوسل برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، لأن العباس حي، والنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ميت، فقد فسد جنانه واستحوذ عليه شيطانه، على أن عمر رضي الله عنه لم يتوسل بالعباس من حيث ذاته وشكله وإنما توسل به من حيث قرابته من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم.
ولا ريب عند كل عاقل أن القرابة معنى من المعاني، فهي الوجاهة والمنزلة.
ولا ريب أيضا عند كل من له مسكة من عقل ودين إن الوجاه صفة ملازمة لصاحبها، لا فرق بين وجوده في الدنيا وبين انتقاله إلى الآخرة، فوجاهته صلى الله تعالى عليه وسلم عند ربه ملازمة له في الدارين، وهذا مما لا يشك فيه إلا من استحوذ عليه الشيطان، كما أن حياته صلى الله تعالى عليه وسلم وحياة جميع إخوانه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في قبورهم، لا يشك فيها مسلم.
وقد استفاضت الأحاديث بذلك، فمن قال إنه صلى الله تعالى عليه وسلم انقطع جاهه بعد موته فهو مضاه لمن قال: انقطعت رسالته صلى الله تعالى عليه وسلم بعد موته، ولا خلاف بين علماء الإسلام في كفر من قال بانقطاع رسالته صلى الله تعالى عليه وسلم بعد موته.
وقوله: (وأما قول القائل: اللهم إني أتوسل إليك بع فللعلماء فيه قولان): تلبيس وكذب مكشوفان.
افتراؤه على العلماء بأن لهم في التوسل به صلى الله عليه وسلم قولين فالتوسل مشروع معروف لم ينكره أحد من أهل الملل، ولم يقل أحد من علماء الإسلام (فيه قولان): فهو قول واحد لعلماء الإسلام قاطبة، وهو الجواز ضم إليه رأيه الفاسد ولبس به على البسطاء وافترى على العلماء، فلو كان صادقا أمينا على نقل العلم عن العلماء لعزا كل قول منهما إلى قائله من العلماء الذين لبس بلفظهم، ولو كان صادقا محققا لبين القولين، هل هما مثلا بالجواز والمنع أو بالمنع والكراهة؟، ولو كان صادقا