به، فللعلماء فيه قولان كما لهم في الحلف به قولان، وجمهور الأئمة كمالك والشافعي وأبي حنيفة على أنه لا يسوغ الحلف به كما لا يسوغ الحلف بغيره من الأنبياء والملائكة، ولا تنعقد اليمين بذلك باتفاق العلماء، وهذا إحدى الروايتين عن أحمد، والرواية الأخرى تنعقد اليمين به خاصة دون غيره، ولذلك قال أحمد في منسكه الذي كتب للمروزي صاحبه أنه يتوسل بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم في دعائه، ولكن غير أحمد قال: إن هذا إقسام على الله به ولا يقسم على الله بمخلوق، وأحمد في إحدى الروايتين قد جوز القسم به، فلذلك جوز التوسل به، ولكن الرواية الأخرى هي قول جمهور العلماء إنه لا يقسم به، فلا يقسم على الله به كسائر الملائكة والأنبياء، فإنا لا نعلم أحدا من السلف والأئمة قال: إنه يقسم على الله، كما لم يقولوا إنه يقسم بهم مطلقا، ولهذا أفتى أبو محمد بن عبد السلام أنه لا يقسم على الله بأحد من الملائكة والأنبياء وغيرهم، لكن ذكر له أنه روي عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حديث في الإقسام به فقال: إن صح الحديث كان خاصا به، والحديث المذكور لا يدل على الإقسام به، وقد قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: (من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت)، قال: (من حلف بغير الله فقد أشرك)، والدعاء عبادة، والعبادة مبناها على التوقيف والاتباع لا على الهوى والابتداع إ ه.
أقول: كلامه من أول الجواب إلى قوله وكان الصحابة رضي الله تعالى عنهم يتوسلون به، باطل بستة أوجه:
الأول: هو السائل لنفسه أو أحد المفتونين به، وعلى كل فالسؤال غير محرر، وتحريره = على رأيه = أن يقول: هل يجوز التوسل بجاهه صلى الله تعالى عليه وسلم أم لا، لأنه زعم أنه صلى الله تعالى عليه وسلم لا جاه له فالتوسل بجاهه صلى الله تعالى عليه وسلم عنده شرك وعبادة للمتوسل به.
والمتوسل بجاهه صلى الله تعالى عليه وسلم مشرك عابد له عليه الصلاة والسلام، لأنه = في زعمه = التفت إلى جانب تعظيم الرسول وأهمل جانب توحيد الألوهية الذي جهله جميع المسلمين ولم يعرفوا = في زعمه = إلا توحيد الربوبية الذي شاركهم فيه جميع الكفار، ويكون الجواب المطابق لرأيه أن يقول بإيجاز: لا يجوز ذلك فهذره