التوسل بالنبي (ص) وجهلة الوهابيون - أبي حامد بن مرزوق - الصفحة ١٨٨
إكراما لمن انتسب إليه وتشفع به، وإن لم يكن حاضرا ولا شافعا، وعلى هذا التوسل بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم قبل خلقه، ولسنا في ذلك سائلين غير الله تعالى ولا داعين إلا إياه، ويكون ذكر المحبوب أو العظيم سببا للإجابة = كما في الأدعية الصحيحة المأثورة =: (أسألك بكل اسم هو لك، وأسألك بأسمائك الحسنى، وأسألك بأنك أنت الله، وأعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك)، وحديث الغار الذي فيه الدعاء بالأعمال الصالحة، وهو من الأحاديث الصحيحة المشهورة، فالمسئول في هذه الدعوات كلها هو الله وحده لا شريك له والمسؤول به مختلف ولم يوجب ذلك إشراكا ولا سؤال غير الله، كذلك السؤال بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ليس سؤالا للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم، بل سؤال الله به، وإذا جاز السؤال بالأعمال، وهي مخلوقة، فالسؤال بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم أولى، ولا يسمع الفرق بأن الأعمال تقتضي المجازاة عليها، لأن استجابة الدعاء لم تكن عليها وإلا لحصلت بدون ذكرها، وإنما كانت على الدعاء وليس هذا المعنى مما يختلف فيه الشرائع حتى يقال إن ذلك شرع من قبلنا، فإنه لو كان ذلك مما يخل بالتوحيد لم يحل في ملة من الملل، فإن الشرائع كلها متفقة على التوحيد، وليت شعري ما المانع من الدعاء بذلك؟
فإن اللفظ إنما يقتضي أن للمسئول به قدرا عند المسؤول، وتارة يكون المسؤول به أعلى من المسؤول، أما الباري سبحانه وتعالى، فكما في قوله من سألكم بالله فأعطوه.
وفي الحديث الصحيح في حديث أبرص وأقرع وأعمى أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن الحديث وهو مشهور. وأما بعض البشر فيحتمل أن يكون من هذا القسم قول عائشة لفاطمة رضي الله تعالى عنهما: أسألك بمالي عليك من الحق، وتارة يكون المسؤول أعلى من المسؤول به، كما في سؤال الله تعالى بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم = فإنه لا شك أن للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم قدرا عنده ومن أنكر ذلك فقد كفر، فمتى قال: أسألك بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم فلا شك في جوازه، وكذا إذا قال بحق محمد صلى الله عليه وسلم، والمراد بالحق الرتبة والمنزلة، والحق الذي جعله الله تعالى على الخلق أو الحق الذي جعله الله تعالى بفضله له عليه = كما في الحديث الصحيح = قال: فما حق العباد على الله، وليس المراد بالحق الواجب فإنه لا يجب على الله شئ، وعلى هذا المعنى يحمل ما ورد عن بعض الفقهاء في الامتناع من إطلاق هذه اللفظة.
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»