الباب الثامن في التوسل والاستغاثة والتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم قال الإمام العلامة أبو الحسن السبكي:
(الباب الثامن في التوسل والاستغاثة والتشفع بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم)، اعلم أنه يجوز ويحسن التوسل والاستغاثة والتشفع بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم إلى ربه سبحانه وتعالى، وجواز ذلك وحسنه من الأمور المعلومة لكل ذي دين، المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين وسير السلف الصالحين والعلماء والعوام من المسلمين ولم ينكر أحد ذلك من أهل الأديان ولا سمع به في زمن من الأزمان، حتى جاء ابن تيمية فتكلم في ذلك بكلام يلبس فيه على الضعفاء الأغمار، وابتدع ما لم يسبق إليه في سائر الأعصار، ولهذا طعن في الحكاية التي تقدم ذكرها عن مالك فإن فيها قول مالك للمنصور استشفع به، ونحن قد بينا صحتها، ولذلك أدخلنا الاستغاثة في هذا الكتاب لما يعرض إليها مع الزيارة، وحسبك أن إنكار ابن تيمية للاستغاثة والتوسل قول لم يقله عالم قبله وصار به بين أهل الإسلام مثلة، وقد وقفت له على كلام طويل في ذلك رأيت من الرأي القويم أن أميل عنه إلى الصراط المستقيم ولا أتتبعه بالنقص والإبطال، فإن دأب العلماء القاصدين لإيضاح الدين وإرشاد المسلمين تقريب المعنى إلى أفهامهم وتحقيق مرادهم وبيان حكمه ورأيت كلام هذا هذا الشخص بالضد من ذلك فالوجه الإضراب عنه.
التوسل به صلى الله تعالى عليه وسلم جائز قبل خلقه وبعد خلقه في مدة حياته في الدنيا وبعد موته وبعد البعث (وأقول): إن التوسل بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم جائز في كل حال قبل