حديث أنس = واستسقى به عام الرمادة فسقوا، وروى أنه لما استسقى عمر بالعباس وفرغ عمر من دعائه، قال العباس: اللهم إنه لم ينزل من السماء بلاء إلا بذنب ولا يكشف إلا بتوبة وقد توجه بي القوم إليك لمكاني من نبيك صلى الله تعالى عليه وسلم، وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا بالتوبة وذكر دعاء فما تم كلامه حتى ارتجت السماء بمثل الجبال.
وكذلك يجوز مثل هذا التوسل بسائر الصالحين، وهذا شئ لا ينكره مسلم بل متدين بملة من الملل.
فإن قبل: لم توسل عمر بن الخطاب بالعباس ولم يتوسل بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم أو بقبره؟. قلنا: ليس في توسله بالعباس إنكار للتوسل بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم أو بالقبر.
وقد روي عن أبي الجوزاء قال: قحط أهل المدينة قحطا شديدا فشكوا إلى عائشة رضي الله تعالى عنها، فقالت: انظروا قبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فاجعلوا منه كوى إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف ففعلوا، فمطروا حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق، ولعل توسل عمر بالعباس رضي الله عنه لأمرين:
(أحدهما): ليدعو كما حكينا من دعائه.
(والثاني): أنه من جملة من يستسقى وينتفع بالسقيا، وهو محتاج إليها بخلاف النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في هذه الحالة فإنه مستغن عنها، فاجتمع في العباس الحاجة وقربه من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وشيبه، والله يستحي من ذي الشيبة المسلم فكيف من عم نبيه صلى الله تعالى عليه ويجيب دعاء المضطر، فلذلك استسقى عمر بشيبته، فإن قال المخالف: إنا لا أمنع التوسل والتشفع لما قدمتم من الآثار والأدلة وإنما أمنع إطلاق التجوه والاستغاثة، لأن فيهما إيهام أن المتوجه به والمستغاث به أعلى من المتوجه عليه والمستغاث عليه.
(قلتا): هذا لا يعتقده مسلم ولا يدل لفظ التجوه والاستغاثة عليه فإن التجوه من