التوسل بالنبي (ص) وجهلة الوهابيون - أبي حامد بن مرزوق - الصفحة ١٥
أيضا حقيق بغاية التأكيد والتحقيق، لما تقرر في فطرة العقلاء، مع اختلاف الأديان والآراء من التوجه إلى العلو عند الدعاء ورفع الأيدي إلى السماء.
أجيب: بأنه لما كان التنزيه عن الجهة مما تقصر عنه عقول العامة، حتى تكاد تجزم بنفي ما ليس في الجهة كان الأنسب في خطاباتهم والأقرب إلى صلاحهم والأليق بدعوتهم إلى الحق ما يكون ظاهرا في التشبيه، وكون الصانع في أشرف الجهات، مع تنبيهات دقيقة على التنزيه المطلق عما هو من سمات الحدوث، وتوجه العقلاء إلى السماء ليس من جهة اعتقادهم إنه في السماء بل من جهة أن السماء قبلة الدعاء، إذ منها تتوقع الخيرات والبركات وهبوط الأنوار ونزول الأمطار إه‍.
وقال بعضهم: ليس في ذلك دليل على كونه في الجهة، وهذا لأنهم أمروا بالتوجه في الصلاة إلى الكعبة وليس هو في جهة الكعبة، وأمروا برمي أبصارهم إلى موضع سجودهم حالة القيام في الصلاة وليس هو في الأرض، وكذا حال السجود أمروا بوضع الوجوه على الأرض وليس هو تحت الأرض، فكذا هنا بل تعبد محض وخضوع وخشوع إ ه‍.
تحقيق نفيس في نفي الجهة عن الله تعالى للإمام حجة الإسلام الغزالي وقال حجة الإسلام الغزالي: في كتاب " الإقتصاد في الاعتقاد " إنه تعالى ليس في جهة مخصوصة من الجهات الست، ومن عرف معنى لفظ الجهة ومعنى لفظ الاختصاص، فهم قطعا استحالة الجهة على غير الجواهر والأعراض، إذ الحيز معقول وهو الذي يختص الجوهر به، ولكن الخير إنما يصير جهة إذا أضيف إلى شئ آخر متحيز.
فإن قيل نفي الجهة مؤد إلى محال، وهو إثبات موجود تخلو عنه الجهات الست ويكون داخل العالم ولا خارجه ولا متصلا به ولا منفصلا عنه وذلك محال، قلنا: مسلم أن كل موجود يقبل الاتصال فوجوده لا منفصلا ولا متصلا به محال، وأن كل موجود
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»