ومن تأمل القرآن العزيز وما تضمنه من التصريح والإيماء إلى وجوب المبالغة في تعظيمه وتوقيره والأدب معه، وما كانت الصحابة يعاملونه به من ذلك، امتلأ قلبه إيمانا، واحتقر هذا الخيال الفاسد واستنكف أن يصغي إليه، والله تعالى هو الحافظ لدينه، ومن يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلا هادي له.
وعلماء المسلمين مكلفون بأن يبينوا للناس ما يجب من الأدب والتعظيم والوقوف عند الحد الذي لا يجوز مجاوزته بالأدلة الشرعية، وبذلك يحصل الأمن من عبادة غير الله تعالى، ومن أراد الله ضلاله من أفراد الجهال فلن يستطيع أحد هدايته، فمن ترك شيئا من التعظيم المشروع لمنصب النبوة زاعما بذلك الأدب مع الربوبية فقد كذب على الله تعالى، وضيع ما أمر به في حق رسله، كما أفرط وجاوز الحد إلى جانب الربوبية فقد كذب على رسل الله وضيع ما أمروا به في حق ربهم سبحانه وتعالى، والعدل حفظ ما أمر الله في الجانبين، وليس في زيارة المشروعة من التعظيم ما يفضي إلى محذور إ ه.
وقسم زيارة القبور إلى أربعة أقسام، ثم قال إذا عرف هذا فزيارة قبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ثبت فيها هذه المعاني الأربعة، وأفاض في شرح المعاني الأربعة.
وقال: والآثار في انتفاع الموتى بزيارة الأحياء وما يصل إليهم منهم وإدراكهم لذلك لا يحصر، ثم أطنب في نقل الآثار وأقوال العلماء في استحباب زيارة القبور وقال: إن من نذر زيارة قبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يلزمه الوفاء به عند الشافعية والمالكية، وأفاض في النذر.
الباب السادس، أفاض فيه في كون السفر إليها قربة قال: (الباب السادس) في كون السفر إليها قربة وذلك من وجوه:
(1): الكتاب العزيز وذكر الآية الشريفة (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك الخ) وقال: والمجئ صادق على المجئ من قرب وبعد بسفر وبغير سفر، ولا يقال إن