ثم يخرج الله تعالى كل من قال لا إله إلا الله كما جاء في الحديث ولا يبقى فيها إلا الكافرون وهذه الشفاعة والشفاعة الأولى العظمى تواترت الأحاديث بهما واختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بالعظمى كما سبق وأما هذه فقد جاء فيها شفاعة الملائكة والأنبياء والمؤمنين وإن الله تعالى بعد ذلك يخرج برحمته من قال لا إله إلا الله وفيه أقوال سنذكرها أحسنها أنه من قال من غير هذه الأمة لا إله إلا الله ولم يشمله شفاعة أنبيائهم وغيرهم من الشافعين أما هذه الأمة فكلها يخرج بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وإن وقع في بعضهم شفاعة لإخوانهم من المؤمنين فهي في طي شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لما أشرنا إليه فيما سبق وإذا ثبت ذلك فاختصاصه صلى الله عليه وسلم من هذا النوع بإخراج عموم أمته حتى لا يبقى منهم أحد وهذا هو الموافق لعموم قوله صلى الله عليه وسلم شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي وقوله صلى الله عليه وسلم لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة إن شاء الله تعالى من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا رواه مسلم من طرق وروى البخاري طرفا منه وقوله صلى الله عليه وسلم أتاني آت من عند ربي عز وجل فخيرني بين أن يدخل الجنة نصف أمتي وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة وهي لمن مات لا يشرك بالله شيئا رواه الترمذي وقوله صلى الله عليه وسلم خيرت بين الشفاعة وبين أن يدخل نصف أمتي الجنة فاخترت الشفاعة لأنها أعم وأكثر ترونها للمؤمنين المتقين لا ولكنها للمذنبين الخطائين المناوئين رواه ابن ماجة فهذه العمومات كلها متظافرة على عموم شفاعته لكل الأمة وكذلك قوله بين يدي الله تعالى يوم القيامة أمتي أمتي وهي دعوة يتحقق استجابتها وقد قال العلماء في قوله لكل نبي دعوة مستجابة إنه على يقين من إجابتها وباقي دعواته يرجوها فقد ظهر بهذا اختصاصه صلى الله عليه وسلم بعموم هذه الشفاعة لكل أمته (الشفاعة الخامسة) في زيادة الدرجات في الجنة لأهلها ذكرها القاضي عياض
(١٨٣)