تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ١٧٠
فأما قوله تعالى إنك لا تسمع الموتى فنحن نقول به وإنما نقول يسمعون إذا ردت إليهم أرواحهم وأما قوله وما أنت بمسمع من في القبور فمعناه إذا كانوا موتى وأما عائشة رضي الله عنها فقد اعترفت بالعلم وقالت إنما قال إنهم الآن ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق وإذا جاز العلم جاز السماع لأنهما جميعا مشروطان بالحياة على الجملة فهذه الأمور ممكنة في قدرة الله تعالى وقد وردت بها الأخبار الصحيحة فيجب التصديق بها ويقطع بأن الحياة تعود إلى الميت وأما أنه هل يموت بعد ذلك موتة ثانية لم يرد في الأحاديث تصريح بذلك لكن في كلام بعضهم ما يقتضيه وحمل عليه قوله تعالى ربنا أمتنا اثنتين على اختلاف المفسرين فيها والقائلون بعذاب القبر يقولون باستمراره وهكذا تقتضي الأحاديث الصحيحة كما تقدم هذا مقعدك حق يبعثك الله وقوله تعالى يعرضون عليها غدوا وعشيا * وقد صح في مسلم عن زيد بن ثابت قال بينما النبي صلى الله عليه وسلم في حائط لبني النجار على بغلة له ونحن معه إذ حادت به فكادت تلقيه وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة فقال ومن يعرف أصحاب هذه القبور فقال رجل أنا فقال فمتى مات هؤلاء قال ماتوا في الاشراك فقال إن هذه الأمة تبتلى في قبورها فلولا أن لا تدفنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع وهذا يدل على استمرار عذاب القبر وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع صوتا من قبر فقالوا دفن في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم عذاب القبر وأما قوله تعالى من بعثنا من مرقدنا فهو يشعر بالحياة لأن الرقاد للحي وقد قيل في تفسيره أقوال منها أن العذاب يرفع عن أهل القبور بين النفخات نفخة الفزع ونفخة الصعق ونفخة النشر فلا يعذب في هذه الأوقات إلا من قتل نبيا أو قتله نبي أو قتل في معترك نبي ومنها أن العذاب ليس بدائم بل بكرة وعشيا ويفتر فيما بين ذلك فتقوم الساعة في ارتفاع النهار فيصادف قيامها وقت الفترة وقد تلخص من هذا أن
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»