تنوير الحلك - جلال الدين السيوطي - الصفحة ٤
لأن الكي خلاف السنة قال البيهقي في شعب الإيمان لو كان النهي عن الكي على طريق التحريم لم يكتو عمران رضي الله عنه مع علمه بالنهي غير أنه ركب المكروه ففارقه ملك كان يسلم عليه فحزن على ذلك وقال هذا القول ثم قد قدر وكأنه عاد إليه قبل موته انتهى وقال ابن الأثير في النهاية يعني أن الملائكة كانت تسلم عليه فلما اكتوى لسبب مرضه تركوا السلام عليه لأن الكي يقدح في التوكل والتسليم إلى الله تعالى والصبر على ما يبتلي العبد وطلب الشفاء من عنده ولبس ذلك قادحا في جواز الكي ولكنه قادح في التوكل وهو درجة عالية وراء مباشرة الأسباب وأخرج ابن سعد في الطبقات عن قتادة أن الملائكة كانت تصافح عمران بن حصين رضي الله عنه حتى اكتوى فتنحت وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن يحيى بن سعيد القطان قال ما قدم علينا البصرة من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين أفضل من عمران بن حصين رضي الله عنه أتت عليه الملائكة ثلثون سنة تسلم عليه من جوانب بيته وأخرج الترمذي في تاريخه وأبو نعيم والبيهقي في دلائل النبوة عن عدالت قال كان عمران بن حصين رضي الله عنه يأمرنا أن نكنس الدار ونسمع السلام عليكم السلام عليكم ولا نرى أحدا قال الترمذي هذا تسليم الملائكة وقال حجة الإسلام أبو حامد الغزالي في كتاب المنقذ من الضلال ثم إنني لما فرغت من العلوم أقبلت بهمتي على طريق الصوفية والقدر الذي أذكره ننتفع به أنني علمت يقينا أن الصوفية هم السالكون لطريق الله تعالى وأن سيرهم وسيرتهم أحسن السير والسير وطريقتهم أحسن الطريق وأخلاقهم أزكى الأخلاق بل لو جمع عقول العقلاء وحكمة الحكماء وعلم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء ليغيروا شيئا من سيرهم وأخلاقهم ويبدلوه بما هو خير منه فإن جميع حركاتهم وسكناتهم في ظواهرهم وبواطنهم متلبسة من نور مشكاة النبوة وليس وراء أنوار النبوة على وجه الأرض نور يستضاء به إلى
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»