تنوير الحلك - جلال الدين السيوطي - الصفحة ٢
وقال على ما أعطاه عقله وكيف يكون من قد مات يراه الحي في عالم الشاهد قال وفي هذا القول من المحذور وجهان خطيران أحدهما عدم التصديق بقول الصادق الذي لا ينطق عن الهوي صلى الله تعالى عليه وسلم والثاني الجهل بقدرة القادر وتبحيره كأنه لم يسمع في سورة البقرة قصة البقرة وكيف قال الله تعالى اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى وقصة إبراهيم عليه السلام في الأربع من الطير وقصة عزير عليه السلام فالذي جعل ضرب الميت ببعض البقرة سببا لحياته وجعل دعاء إبراهيم عليه السلام سببا لإحياء الطيور وجعل تعجب عزير سببا لموته وموت حماره ثم لإحيائهما بعد مائة سنة فمن قدر على ذلك قادر على أن يجعل رؤيته صلى الله تعالى عليه وسلم في النوم سببا لرؤيته صلى الله تعالى عليه وسلم في اليقظة وقد ذكر عن بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم أظنه ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه رأى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في النوم فتذكر هذا الحديث وبقي يفكر فيه ثم دخل على بعض أزواج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أظنها ميمونة رضي الله تعالى عنها فقص عليها قصته فقامت وأخرجت له مرآته صلى الله تعالى عليه وسلم قال رضي الله تعالى عنه فنظرت في المرآة فرأيت صورة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ولم أر لنفسي صورة وقد ذكر عن السلف والخلف وهلم جر أعن جماعة ممن كانوا رأوه صلى الله تعالى عليه وسلم في النوم وكانوا ممن يصدقون هذا الحديث فرأوه بعد ذلك في اليقظة وسئلوه عن أشياء كانوا منها متشوشين فأخبرهم بتفريجها ونص لهم على الوجوه التي منها يكون فرجة فجاء الأمر كذلك بلا زيادة ولا نقص قال والمنكر لهذا لا يخلوا إما أن يصدق بكرامات الأولياء أو يكذب بها فإن كان ممن يكذب بها فقد سقط البحث معه فإنه يكذب ما أثبتته السنة بالدلائل الواضحة وإن كان مصدقا بها فهذه من ذلك القبيل لأن الأولياء يكشف لهم بخرق العادة عن أشياء في العالمين
(٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»