ومضى أبو سلمة مهاجرا وحده، تقول أم سلمة: " وفرق بيني وبين زوجي وابني فكنت أخرج كل غداة وأجلس بالأبطح فما أزال أبكي حتى أمسي سنة أو قريبا منها حتى مر بي رجل من بني عمي أحد بني المغيرة فرأى ما بي فرحمني فقال لبني المغيرة ألا تخرجون هذه المسكينة؟ فرقتم بينها وبين زوجها وابنها وما زال بهم حتى قالوا الحقي بزوجك ".
تقول فرحلت بعيري، ووضعت ابني في حجري ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة، وما معي أحد من خلق الله، حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة فقال: " أين يا بنت أمية ".. فقلت: " أريد زوجي بالمدينة "، فقال: " هل معك أحد؟ فقلت: " لا والله إلا الله وابني هذا "، فقال: " والله ما لك من مترك " وساق بها في أكرم صحبة رغم أنه كان لم يسلم بعد حتى أبلغها قباء، وكان يسكنها أبو سلمة.
وعاشت معه مجاهدة صابرة حتى رمي في عضده يوم أحد، ورقا دم الجرح بعد علاج، وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم أبا سلمة قائدا لسرية إلى (قطن) ليغير علي بني أسد فظفر بهم وعاد منصورا، لكن جرحه انتقض فمات، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة بعد وفاته فأغمض عينيه، ودعا له، وصلى عليه وكانت وفاته في الثامن من جمادى الآخرة عام أربعة - رضي الله عنه -.
ونظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عقيلة قومها أم سلمة وزوج ابن عمته وأخيه من الرضاع أصحبت أرملة غريبة ومهاجرة وحيدة في بلد ليس لها فيها ولي حاضر، ولا عاصب كافل، ولها صغارا أيتام، يحتاجون إلى من يقوم بشأنهم ويسهر عليهم، فترقب نهاية عدتها، وأرسل إليها يخطبها، ووجمت أم سلمة العروب فهي ما كانت تظن أن تنال شرف الزواج من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أسعدها أن تصبح أما للمؤمنين والمؤمنات، إلا أن حقه عليه الصلاة والسلام على المؤمنين والمؤمنات عظيم، وحقه على زوجاته أعظم، فهل تراها تطيق القيام بهذا الحق، وعندها مما تعرف من حالها ما يفسد على الزوج هناءه، فهل تنسيها الفرحة بشرف الزواج منه أن تكشف