بقوله عنهم: " أولئك قوم خذلوا الحق ولم ينصروا الباطل، تخلفوا عن الحق ولم يقوموا مع الباطل ".
على أن لكل صفة من هذه الصفات شأنا عظيما فيما سيستقبله كرم الله وجهه من أيام حياته.
من هذه الصفات ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أثبته الإمام أحمد بن حنبل في مسنده، والحاكم والبزار والطبراني بسند جيد عن علي:
" قيل يا رسول الله من تؤمر بعدك؟.. قال: " إن تؤمروا أبا بكر تجدوه أمينا زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة، وإن تؤمروا عمر تجدوه قويا أمينا لا يخاف في الله لومة لائم، وإن تؤمروا عليا ولا أراكم فاعلين تجدوه هاديا مهديا يأخذ بكم الطريق المستقيم " (1).
كان صلى الله عليه وسلم حريصا عليه، وكان به حفيا، ولكنه لم يوص به خليفة له، ولم يوص بأحد خليفة، بل ترك الأمر للمسلمين على نحو ما جاء في الحديث السابق، يختارون حاكمهم بمحض إرادتهم الحرة، وإن كان أشار إشارات إلى خلافة أبي بكر رضي الله عنه، فقد أمره صلى الله عليه وسلم أن يصلي مكانه في مرضه الأخير. وقال صلى الله عليه وسلم: " ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر " (2) والنصوص التي تحتوي الإشارات كثيرة.
كان علي كرم الله وجهه على ما عرف به من حياء - جسورا في الحق، لا يتهيب في سبيل تحري الحقيقة شيئا، لا يستحي من البحث والتقصي، فلا يظلم أحدا. وهذه هي طبيعة القاضي ركبت فيه إلى جوار طبيعة الزاهدة.
.