إذا نحن جاوزنا شكل هذه الواقعة إلى جوهرها، أدركنا المغزى العظيم لها، وأدركنا كذلك، الدور المجيد، والوحيد الذي كان على أهل بيت النبي أن يقوموا به غير منتظرين عليه أجرا، ولا متعللين براحة..!!
وإذا كانت هذه الواقعة ترينا كيف كان الرسول يزكى هذا المبدأ في أفئدة آل بيته، فإنها لم تكن الواقعة الوحيدة في هذا المجال.. بل هي واحدة من وقائع كثر كان الرسول عليه الصلاة والسلام يصوغ منها أسلو به في إعداد أهل بيته لدورهم العظيم، هذا الدور الذي ستكون التضحية لحمته وسداه..
ففي يوم آخر... وكان يوم فتح مكة. ذهب " على " إلى رسول الله يسأله أن يمنحه حجابة البيت الحرام.
وكانت الحجابة وظيفة تتوارثها من قديم إحدى عائلات قريش.
ولم يكن ابن عم الرسول حين تمناها، يطمح إلى مغنم أو عرض من أعراض الدنيا الزائلة.
إنما كان يرجو أن يذهب بشرف حمل مفاتيح بيت الله الحرام.
هنالك تقدم من الرسول الذي كان جالسا وسط أصحابه: تقدم ومفاتيح المسجد والكعبة في يمينه وقال:
" يا رسول الله!! اجعل لنا الحجابة مع السقاية، صلى الله عليك "..
وابتسم الرسول ابتسامته العذبة المعهودة في مثل هذه المواقف. وبسط يمينه المباركة نحو ابن عمه، آخذا منه المفاتيح، ثم نادى، وبصره يجول بين الناس:
" أين عثمان بن طلحة "؟؟
وكان " عثمان بن طلحة " هو القائم يومها بوظيفة الحجابة هذه..