وأما موقف " الإمام علي) من بيعة (الصديق أبي بكر) رضي الله عنهما، فما كان امتناعه عن البيعة أول أمره تحديا منه لمبادئ التي قامت عليها حياته الورعة، ولا نكوصا عن التضحية من أجلها.
بل كان في التحليل النهائي له، صورة صادقة لاستقامة النهج في ضمير (الإمام) وسلوكه.!!
لقد كان على اقتناع وطيد بأن خير الإسلام في أن يظل لواؤه بيد واحد من بيت النبوة، لا سيما في الفترة التالية لوفاة الرسول، حيث يخشى أن تتحرك النزعات القبلية في أحشاء المجتمع من جديد، متخذة من منصب الخلافة مجال تنافسها - الأمر الذي حدث فعلا يوم السقيفة، إذ رأى بعض زعماء الأنصار أنهم أولى بالخلافة.. ورأى المهاجرون أنهم أحق بها وأجدر.. وكان الخلاف يتفاقم لولا أن بسط الله يده فوق عباده، وتحرك الضمير الديني الرشيد الذي غرسه الرسول في أفئدة أصحابه، فذاب الخلاف فور نشوئه في حرارة الإيمان وصدق اليقين..!!
ولم يكن " علي " في اقتناعه بأولوية بيت النبوة في الخلافة يبتغي لآل البيت امتيازا خاصا.
بل كان يرى ذلك امتدادا لواجبهم نحو الدين الذي أكرمهم الله به.
من أجل ذلك، نراه يجعل هذه الأولوية مشروطة بأن يكون في آل البيت من يؤهله صلاحه وورعه واقتداره لحمل تبعات المنصب الجليل.
ولقد صور اقتناعه هذا في وضوح كامل من خلال حواره مع الراشدين (أبي بكر وعمر) فقال:
(إنكم تدفعون آل محمد عن مقامه ومقامهم في الناس، وتنكرون عليهم حقهم..
أما والله، لنحن أحق بالأمر، ما دام فينا القارئ لكتاب الله.. الفقيه في دين الله..