أبناء الرسول في كربلاء - خالد محمد خالد - الصفحة ١٥
ليلة عرسها، أعوادا من جريد، صنع منها سرير واطئ.. ووسادة حشوها ليف.. وسقاءين للماء.. ورحاءين للطحن.. وقارورتي طيب..
ومنخلا.. ومنشفة.. وقدحا..!
وهي إذ تجئ اليوم إلى أبيها على استحياء، في صحبة زوجها الفقير من عرض الدنيا ورغد العيش، فإنها لا تطلب ما ينأى بها من منهج الرسول في الزهد وفي الورع.. إنها لا تريد أكثر من خادم يحمل عنها بعض العبء الذي يثقل كاهلا..!
ولكن، لا.. فما دامت الأقدار قد أسعدتها وشرفتها بأن تكون " بنت رسول الله " فإنها في نفس الوقت ولنفس السبب تدعوها لأن تتحمل من التضحية أقصى ما يستطيع الناس.
ويحتمل معها ذلك القدر وأكثر، زوجها وبنوها..!!
وإن مشقة البيت، وشظف العيش لأهون تلك التضحيات التي سيقدر لآل هذا البيت المجيد أن يحملوها.!!
من أجل هذا، لم يجد الرسول في وسعه أن يجيب (فاطمة وعليا) إلى رغبتها المتواضعة والمشروعة.
ومن ثم غطى وجه ابنته الحبيبة بنظراته الآسية والحانية، وقال يخاطبها:
" لا، يا فاطمة.. لا أعطيك، وأدع فقراء المسلمين..!!).
ثم اقترب منهما، وطوقهما بذراعيه، وقال لهما، وعلى فمه ابتسامة كضوء الفجر:
(ألا أدلكما على خير من خادم..) إذا أو يتما إلى مضجعكما، فسبحا الله ثلاثا وثلاثين..
واحمداه ثلاثا وثلاثين.. وكبراه أربعا وثلاثين.. فذلك خير لكما من خادم)!!
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»
الفهرست