ونهض " ابن طلحة " قائما، يلبي نداء رسول الله وألقى الرسول بالمفاتيح إليه، وقال:
" هاك مفتاحك يا عثمان.. اليوم، يوم بر ووفاء "..
ثم التفت إلى ابن عمه " علي " وقال:
" إنما أعطيكم ما ترزأون، لا ما ترزأون "..!!
يا له من درس.. ويا لها من نبوءة..!!
أجل.. هذا دور آل محمد في الحياة.. التضحية، بكل ما تتطلبه من شظف، وتبتل، واستغناء..
لا شئ دون التضحية، ولا شئ سواها...
أما الدنيا بكل زينتها وزخرفها وإغرائها، فهي أهون على الله من أن يجعلها لهم مثوبة وأجرا..!!
إن عليهم في هذه الحياة أن يقوموا بدور واحد. عليهم أن يقضوا أعمارهم كلها فوق " منصة الأستاذية "، ليعلموا الناس فنا واحدا.. هو فن التضحية والفداء. أروع وأصدق ما تكون التضحية، ويكون الفداء..!!!
على هذا النسق الرفيع الباهر، ربى الرسول الكريم " عليا وفاطمة " الأبوين اللذين سيجئ من أصلابهما الحسن، والحسين، وزينب، وبقية الأبناء والحفدة المباركين. الذين سنطالع على صفحات هذا الكتاب جلال ما بذلوا من تضحية.. وروعة ما صنعوا من بطولة..!!
لقد رباهما كما رأيناه على التحمل والتضحية.. وصحيح أنه ربى جميع أصحابه على ذلك.. بيد أنه كان يطالب ذويه وأهل بيته بأن يبلغوا في هذا المجال أرفع مستويات التفوق والنبوغ.