شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ١٤٨
الجهل ومن نفى الجهل لم يثبت العلم وعلى الخلق أن يثبتوا ما أثبته الله تعالى لنفسه وينفوا ما نفاه ويمسكوا عما أمسك عنه والدليل العقلي على علمه تعالى أنه يستحيل ايجاده الأشياء مع الجهل ولان ايجاده الأشياء بإرادته والإرادة تستلزم تصور المراد وتصور المراد هو العلم بالمراد فكان الايجاد مستلزما للإرادة والإرادة مستلزمة للعلم فالايجاد مستلزم للعلم ولان المخلوقات فيها من الاحكام والاتقان ما يستلزم علم الفاعل لها لان الفعل المحكم المتقن يمتنع صدوره عن غير علم ولان من المخلوقات ما هو عالم والعلم صفة كمال ويمتنع أن لا يكون الخالق عالما وهذا له طريقان أحدهما أن يقال نحن نعلم بالضرورة أن الخالق أكمل من المخلوق وأن الواجب أكمل من الممكن ونعلم ضرورة أنا لو فرضنا شيئين أحدهما عالم والآخر غير عالم كان العالم أكمل فلو لم يكن الخالق عالما لزم أن يكون الممكن أكمل منه وهو ممتنع الثاني أن يقال كل علم في الممكنات التي هي المخلوقات فهو منه ومن الممتنع ان يكون فاعل الكمال ومبدعه عاريا منه بل هو أحق به والله تعالى له المثل الاعلى ولا يستوي هو والمخلوقات لا في قياس تمثيلي ولا في قياس شمولي بل كل ما ثبت للمخلوق من كمال فالخالق به أحق وكل نقص تنزه عنه مخلوق ما فتنزيه الخالق عنه أولى قوله وقدر لهم أقدارا ش قال تعالى * (وخلق كل شيء فقدره تقديرا) * وقال تعالى * (إنا كل شيء خلقناه بقدر) * وقال تعالى * (وكان أمر الله قدرا مقدورا) * وقال تعالى * (الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى) * وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»