شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ١٤١
دعائه اللهم أنت الأول فليس قبلك شئ الحديث واللفظان الآخران لم يثبت واحد منهما في موضع آخر ولهذا كان كثير من أهل الحديث انما يرويه بلفظ القبل كالحميدي والبغوي وابن الأثير وإذا كان كذلك لم يكن في هذا اللفظ تعرض لابتداء الحوادث ولا لأول مخلوق وأيضا فإنه يقال كان الله ولم يكن شيء قبله أو معه أو غيره وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء فأخبر عن هذه الثلاث بالواو وخلق السماوات والأرض روي بالواو وبثم فظهر أن مقصوده اخباره إياهم ببدء خلق السماوات والأرض وما بينهما وهي المخلوقات التي خلقت في ستة أيام لا ابتداء خلق ما خلقه الله قبل ذلك وذكر السماوات والأرض بما يدل على خلقهما وذكر ما قبلهما بما يدل على كونه ووجوده ولم يتعرض لابتداء خلقه له وأيضا فإنه إذا كان الحديث قد ورد بهذا وهذا فلا يجزم بأحدهما الا بدليل فإذا رجح أحدهما فمن جزم بأن الرسول أراد المعنى الآخر فهو مخطيء قطعا ولم يأت في الكتاب ولا في السنة ما يدل على المعنى الآخر فلا يجوز اثباته بما يظن أنه معنى الحديث ولم يرد كان الله ولا شيء معه مجردا وانما ورد على السياق المذكور فلا يظن أن معناه الاخبار بتعطيل الرب تعالى دائما عن الفعل حتى خلق السماوات والأرض وأيضا فقوله صلى الله عليه وسلم كان الله ولا شيء قبله أو معه أو غيره وكان عرشه على الماء لا يصح ان يكون المعنى أنه تعالى موجود وحده لا مخلوق معه أصلا لأن قوله وكان عرشه على الماء يرد ذلك فإن هذه الجملة وهي (وكان عرشه على الماء) اما حالية أو معطوفة وعلى كلا التقديرين فهو مخلوق موجود في ذلك الوقت فعلم أن المراد ولم يكن شئ من هذا العالم المشهود
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»