والشيخ رحمه الله أشار بقوله ما زال بصفاته قديما قبل خلقه إلى آخر كلامه إلى الرد على المعتزلة والجهمية ومن وافقهم من الشيعة فإنهم قالوا إنه تعالى صار قادرا على الفعل والكلام بعد أن لم يكن قادرا عليه لكونه صار الفعل والكلام ممكنا بعد أن كان ممتنعا وانه انقلب من الامتناع الذاتي إلى الامكان الذاتي وعلي بن كلاب والأشعري ومن وافقهما فإنهم قالوا إن الفعل صار ممكنا له بعد أن كان ممتنعا منه وأما الكلام عندهم فلا يدخل تحت المشيئة والقدرة بل هو شئ واحد لازم لذاته وأصل هذا الكلام من الجهمية فإنهم قالوا إن دوام الحوادث ممتنع وانه يجب أن يكون للحوادث مبدأ لامتناع حوادث لا أول لها فيمتنع أن يكون البارىء عز وجل لم يزل فاعلا متكلما بمشيئة بل يمتنع أن يكون قادرا على ذلك لان القدرة على الممتنع ممتنعة وهذا فاسد فإنه يدل على امتناع حدوث العالم وهو حادث والحادث إذا حدث بعد أن لم يكن محدثا فلا بد أن يكون ممكنا والامكان ليس له وقت محدود وما من وقت يقدر الا والامكان ثابت فيه وليس لامكان الفعل وجوازه وصحته مبدأ ينتهي اليه فيجب انه لم يزل الفعل ممكنا جائزا صحيحا فيلزم أنه لم يزل الرب قادرا عليه فيلزم جواز حوادث لا نهاية لأولها قالت الجهمية ومن وافقهم نحن لا نسلم أن امكان الحوادث لا بداية له لكن نقول امكان الحوادث بشرط كونها مسبوقة بالعدم لا بداية له وذلك لان الحوادث عندنا تمتنع أن تكون قديمة النوع بل يجب حدوث نوعها ويمتنع قدم نوعها لكن لا يجب الحدوث في وقت
(١٣٢)