إرادة ما يضاده فجهة أمره لغيره نصحا غير جهة فعله لنفسه وإذا أمكن الفرق في حق الخلوقين فهو في حق الله أولى بالامكان والقدرية تضرب مثلا بمن أمر غيره بأمره فإنه لا بد أن يفعل ما يكون المأمور أقرب إلى فعله كالبشر والطلاقة وتهيئة المساند والمقاعد ونحو ذلك فيقال لهم هذا يكون على وجهين أحدهما أن تكون مصلحة الامر تعود إلى الآمر كأمر الملك جنده بما يؤيد ملكه وأمر السيد عبده بما يصلح ملكه وأمر الانسان شريكه بما يصلح الامر المشترك بينهما ونحو ذلك الثاني أن يكون الآمر يرى الإعانة للمأمور مصلحة له كالأمر بالمعروف وإذا أعان المأمون على البر والتقوى فإنه قد علم أن الله يثيبه على اعانته على الطاعة وأنه في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه فأما إذا قدر ان الآمر انما أمر المأمور لمصلحة المأمور لا لنفع يعود على الآمر من فعل المأمور كالناصح المشير وقدر أنه إذا أعانه لم يكن ذلك مصلحة للآمر وأن في حصول مصلحة المأمور مضرة على الآمر مثل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى وقال لموسى عليه السلام * (إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فأخرج إني لك من الناصحين) * القصص فهذا مصلحته في أن يأمر موسى عليه السلام بالخروج لا في أن يعينه على ذلك إذ لو اعانه لضره قومه ومثل هذا كثير وإذا قيل أن الله أمر العباد بما يصلحهم لم يلزم من ذلك أن يعينهم على ما امرهم به لا سيما وعند القدرية لا يقدر أن يعين أحدا على ما به يصير فاعلا وإذا عللت أفعاله بالحكمة فهي ثابتة في نفس الامر وان كنا نحن لا نعلمها فلا يلزم إذا كان نفس الآمر له حكمة في الآمر أن يكون في الإعانة على فعل المأمور به حكمة بل قد تكون الحكمة
(١١٨)