شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٤٠٩
وقوله تعالى * (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) * فنفي الإيمان حتى توجد هذه الغاية دل على أن هذه الغاية فرض على الناس فمن تركها كان من أهل الوعيد ولم يكن قد أتى بالإيمان الواجب الذي وعد أهله بدخول الجنة بلا عذاب ولا يقال إن بين تفسير النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان في حديث جبرائيل وتفسيره إياه في حديث وفد عبد القيس معارضة لأنه فسر الإيمان في حديث جبرائيل بعد تفسير الإسلام فكان المعنى أنه الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر مع الأعمال التي ذكرها في تفسير الإسلام كما أن الإحسان متضمن للإيمان الذي قدم تفسيره قبل ذكره بخلاف حديث وفد عبد القيس لأنه فسره ابتداء لم يتقدم قبله تفسير الإسلام ولكن هذا الجواب لا يتأتى على ما ذكره الشيخ رحمه الله من تفسير الإيمان فحديث وفد عبد القيس مشكل عليه ومما يسأل عنه أنه إذا كان ما أوجبه الله من الأعمال الظاهرة أكثر من الخصال الخمس التي أجاب بها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبرائيل المذكور فلم قال إن الإسلام هذه الخصال الخمس وقد أجاب بعض الناس بأن هذه أظهر شعائر الإسلام وأعظمها وبقيامه بها يتم استسلامه وتركه لها يشعر بانحلال قيد انقياده والتحقيق أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الدين الذي هو استسلام العبد لربه مطلقا الذي يجب لله على عباده محضه على الأعيان فيجب على كل من كان قادرا عليه ليعبد الله مخلصا له الدين وهذه هي الخمس وما سوى ذلك فإنما يجب بأسباب مصالح فلا يعم وجوبها جميع الناس بل إما أن يكون فرضا على الكفاية كالجهاد والأمر بالمعروف
(٤٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 ... » »»