شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٤١٣
كثيرا من الملوك الظالمين مدة وأما المتنبئون الكذابون فلا يطيل تمكينهم بل لا بد أن يهلكهم لأن فسادهم عام في الدين والدنيا والآخرة قال تعالى * (ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين) * وفي قوله فمن نفسك من الفوائد أن العبد لا يطمئن إلى نفسه ولا يسكن إليها فإن الشر كامن فيها لا يجيء إلا منها ولا يشتغل بملام الناس ولا ذمهم إذا أساؤوا اليه فإن ذلك من السيئات التي أصابته وهي إنما أصابته بذنوبه فيرجع إلى الذنوب ويستعيذ بالله من شر نفسه وسيئات عمله ويسأل الله ان يعينه على طاعته فبذلك يحصل له كل خير ويندفع عنه كل شر ولهذا كان أنفع الدعاء وأعظمه واحكمه دعاء الفاتحة * (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) * فإنه إذا هداه هذا الصراط أعانه على طاعته وترك معصيته فلم يصبه شر لا في الدنيا ولا في الآخرة لكن الذنوب هي لوازم نفس الانسان وهو محتاج إلى الهدى كل لحظة وهو إلى الهدى أحوج منه إلى الطعام والشراب ليس كما يقوله بعض المفسرين انه قد هداه فلماذا يسأل الهدى وان المراد التثبيت أو مزيد الهداية بل العبد محتاج إلى أن يعلمه الله ما يفعله من تفاصيل أحواله والى ما يتركه من تفاصيل الأمور في كل يوم والى ان يلهمه أن يعمل ذلك فإنه لا يكفي مجرد علمه إن لم يجعله مريدا للعمل بما يعلمه وإلا كان العلم حجة عليه ولم يكن مهتديا ومحتاج إلى أن يجعله قادرا على العمل بتلك الإرادة الصالحة فإن المجهول لنا من الحق أضعاف المعلوم وما لا نريد فعله تهاونا وكسلا مثل ما نريده أو أكثر منه أو دونه وما لا نقدر عليه مما نريده كذلك وما نعرف جملته ولا نهتدي لتفاصيله فأمر يفوت الحصر ونحن محتاجون إلى
(٤١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 ... » »»