شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٣٩٨
وأما من يجوز الاستثناء وتركه فهم أسعد بالدليل من الفريقين وخير الأمور أوسطها فإن أراد المستثني الشك في أصل إيمانه منع من الاستثناء وهذا مما لا خلاف فيه وإن أراد أنه مؤمن من المؤمنين الذين وصفهم الله في قوله * (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم) * وفي قوله تعالى * (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون) * فالاستثناء حينئذ جائز وكذلك من استثنى وأراد عدم علمه بالعاقبة وكذلك من استثني تعليقا للأمر بمشيئة الله لا شكا في إيمانه وهذا القول في القوة كما ترى قوله وجميع ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشرع والبيان كله حق يشير الشيخ رحمه الله بذلك إلى الرد على الجهمية والمعطلة والمعتزلة والرافضة القائلين بأن الأخبار قسمان متواتر وآحاد فالمتواتر وإن كان قطعي السند لكنه غير قطعي الدلالة فإن الأدلة اللفظية لا تفيد اليقين ولهذا قدحوا في دلالة القرآن على الصفات قالوا والآحاد لا تفيد العلم ولا يحتج بها من جهة طريقها ولا من جهة متنها فسدوا على القلوب معرفة الرب تعالى وأسمائه وصفاته وأفعاله من جهة الرسول وأحالوا الناس على قضايا وهمية ومقدمات خيالية سموها قواطع عقلية وبراهين يقينية وهي في التحقيق * (كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) *
(٣٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 ... » »»