الصابر والغني الشاكر وترجيح أحدهما على الآخر وأن التحقيق ان التفضيل لا يرجع إلى ذات الفقر والغنى وإنما يرجع إلى الأعمال والأحوال والحقائق فالمسألة فاسدة في نفسها فإن التفضيل عند الله بالتقوى وحقائق الإيمان لا بفقر ولا غنى ولهذا والله أعلم قال عمر رضي الله عنه الغنى والفقر مطيتان لا أبالي أيهما ركبت والفقر والغنى ابتلاء من الله تعالى لعبده كما قال تعالى * (فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن) * فإن استويا الفقير الصابر والغني الشاكر في التقوى استويا في الدرجة وإن فضل أحدهما فيها فهو الأفضل عند الله فإن الفقر والغنى لا يوزنان وإنما يوزن الصبر والشكر ومنهم من أحال المسألة من وجه آخر وهو أن الإيمان نصف صبر ونصف شكر فكل منهما لا بد له من صبر وشكر وإنما أخذ الناس فرعا من الصبر وفرعا من الشكر وأخذوا في الترجيح فجردوا غنيا منفقا متصدقا باذلا ماله في وجوب القرب شاكرا لله عليه وفقيرا متفرغا لطاعة الله ولأداء العبادات صابرا على فقره وحينئذ يقال إن أكملها أطوعهما وأتبعهما فإن تساويا تساوت درجتهما والله أعلم ولو صح التجريد لصح أن يقال أيما أفضل معافى شاكر أو مريض صابر أو مطاع شاكر أو مهان صابر أو آمن شاكر أو خائف صابر ونحو ذلك قوله والايمان هو الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره وحلوه ومره من الله تعالى ش تقدم أن هذه الخصال هي أصول الدين وبها أجاب النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبرائيل المشهور المتفق على صحته حين جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم على صورة رجل أعرابي وسأله عن الإسلام فقال أن تشهد لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
(٤٠٧)