شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٤٠٢
تعالى من غير تدبر لمعناه الذي بينه الرسول وأخبر أنه معناه الذي اراده الله وقد ذم الله تعالى أهل الكتاب الأول على هذه الصفات الثلاث وقص ذلك علينا من خبرهم لنعتبر وننزجر عن مثل طريقتهم فقال تعالى * (أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون) * إلى أن قال * (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون) * والأماني التلاوة المجردة ثم قال تعالى * (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون) * فذمهم على نسبة ما كتبوه إلى الله وعلى اكتسابهم بذلك فكلا الوصفين ذميم أن ينسب إلى الله ما ليس من عنده وأن يأخذ بذلك عوضا من الدنيا مالا أو رياسة نسأل الله أن يعصمنا من الزلل في القول والعمل بمنه وكرمه ويشير الشيخ رحمه الله بقوله من الشرع والبيان إلى أن ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم نوعان شرع ابتدائي وبيان لما شرعه الله في كتابه العزيز وجميع ذلك حق واجب الاتباع وقوله وأهله في أصله سواء والتفاضل بينهم بالحقيقة ومخالفة الهوى وملازمة الأولى وفي بعض النسخ بالخشية والتقى بدل قوله بالحقيقة ففي العبارة الأولى يشير إلى أن الكل مشتركون في أصل التصديق ولكن التصديق يكون بعضه أقوى من بعض وأثبت كما تقدم نظيره بقوة البصر وضعفه وفي العبارة الأخرى يشير إلى أن التفاوت بين المؤمنين بأعمال القلوب وأما التصديق فلا تفاوت فيه والمعنى الأول أظهر قوة والله أعلم بالصواب قوله والمؤمنون كلهم أولياء الرحمن
(٤٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 ... » »»