شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٤٠٠
بين سلف الأمة في ذلك نزاع كخبر عمر بن الخطاب رضي الله عنه إنما الأعمال بالنيات وخبر ابن عمر رضي الله عنهما من نهى عن بيع الولاء وهبته وخبر أبي هريرة لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها وكقوله يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وأمثال ذلك وهو نظير خبر الذي أتى مسجد قباء وأخبر أن القبلة تحولت إلى الكعبة فاستداروا إليها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسل رسله آحادا ويرسل كتبه مع الآحاد ولم يكن المرسل إليهم يقولون لا نقبله لأنه خبر واحد وقد قال تعالى * (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله) * فلا بد أن يحفظ الله حججه وبيناته على خلقه لئلا تبطل حججه وبيناته ولهذا فضح الله من كذب على رسوله في حياته وبعد وفاته وبين حاله للناس قال سفيان بن عيينة ما ستر الله أحدا يكذب في الحديث وقال عبد الله بن المبارك لو هم رجل في البحر أن يكذب في الحديث لأصبح والناس يقولون فلان كذاب وخبر الواحد وإن كان يحتمل الصدق والكذب ولكن التفريق بين صحيح الأخبار وسقيمها لا يناله أحد إلا بعد أن يكون معظم أوقاته مشتغلا بالحديث والبحث عن سير الرواة ليقف على أحوالهم وأقوالهم وشدة حذرهم من الطغيان والزلل وكانوا بحيث لو قتلوا لم يسامحوا أحدا في كلمة يتقولها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا فعلوا هم بأنفسهم ذلك
(٤٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 ... » »»