شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٣٩٦
بإيمان كالصلاة التي أفسدها صاحبها قبل الكمال والصيام الذي يفطر صاحبه قبل الغروب وهذا مأخذ كثير من الكلابية وغيرهم وعند هؤلاء أن الله يحب في الأزل من كان كافرا إذا علم منه أنه يموت مؤمنا فالصحابة ما زالوا محبوبين قبل إسلامهم وإبليس ومن ارتد عن دينه ما زال الله يبغضه وإن كان لم يكفر بعد وليس هذا قول السلف ولا كان يقول بهذا من يستثني من السلف في إيمانه وهو فاسد فإن الله تعالى قال * (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) * فأخبر أنهم يحبهم إن اتبعوا الرسول فاتباع الرسول شرط المحبة والمشروط يتأخر عن الشرط وغير ذلك من الأدلة ثم صار إلى هذا القول طائفة غلوا فيه حتى صار الرجل منهم يستثني في الأعمال الصالحة يقول صليت إن شاء الله ونحو ذلك يعني القبول ثم صار كثير منهم يستثنون في كل شيء فيقول أحدهم هذا ثوب إن شاء الله هذا حبل إن شاء الله فإذا قيل لهم هذا لا شك فيه يقولون نعم لكن إذا شاء الله أن يغيره غيره المأخذ الثاني أن الأيمان المطلق يتضمن فعل ما أمر الله به عبده كله وترك ما نهاه عنه كله فإذا قال الرجل مؤمن بهذا الاعتبار فقد شهد لنفسه أنه من الأبرار المتقين القائمين بجميع ما أمروا به وترك كل ما نهوا عنه فيكون من أولياء الله المقربين وهذا مع تزكية الإنسان لنفسه ولو كانت هذه الشهادة صحيحة لكان ينبغي أن يشهد لنفسه بالجنة إن مات على هذه الحال وهذا مأخذ عامة السلف الذين كانوا يستثنون وإن جوزوا ترك الاستثناء بمعنى آخر كما سنذكره إن شاء الله تعالى ويحتجون أيضا بجواز الاستثناء فيما لا شك فيه كما قال تعالى * (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين) * وقال صلى الله عليه وسلم
(٣٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 ... » »»