شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٣٩٧
حين وقف على المقابر وإنا إن شاء الله بكم لاحقون وقال أيضا إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله ونظائر هذا وأما من يحرمه فكل من جعل الإيمان شيئا واحدا فيقول أنا أعلم اني مؤمن كما أعلم أني تكلمت بالشهادتين فقولي أنا مؤمن كقولي انا مسلم فمن استثنى في إيمانه فهو شاك فيه وسموا الذين يستثنون في إيمانهم الشكاكة وأجابوا عن الاستثناء الذي في قوله تعالى * (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين) * بأنه يعود إلى الأمن والخوف فأما الدخول فلا شك فيه وقيل لتدخلن جميعكم أو بعضكم لأنه علم أن بعضهم يموت وفي كلا الجوابين نظر فإنهم وقعوا فيما فروا منه فأما الأمن والخوف فقد أخبر أنهم يدخلون آمنين مع علمه بذلك فلا شك في الدخول ولا في الأمن ولا في دخول الجميع أو البعض فإن الله قد علم من يدخل فلا شك فيه أيضا فكان قول إن شاء الله هنا تحقيقا للدخول كما يقول الرجل فيما عزم على شيء أن يفعله لا محالة والله لأفعلن كذا إن شاء الله لا يقولها لشك في إرادته وعزمه ولكن إنما لا يحنث الحالف في مثل هذه اليمين لأنه لا يجزم بحصول مراده وأجيب بجواب آخر لا بأس به وهو أنه قال ذلك تعليما لنا كيف نستثني إذا أخبرنا عن مستقبل وفي كون هذا المعنى مرادا من النص نظر فإنه ما سيق الكلام إلا أن يكون مرادا من إشارة النص وأجاب الزمخشري بجوابين آخرين باطلين وهما أن يكون الملك قد قاله فأثبت قرآنا أو أن الرسول قاله فعند هذا المسكين يكون من القرآن ما هو غير كلام الله فيدخل في وعيد من قال * (إن هذا إلا قول البشر) * نسال الله العافية
(٣٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 ... » »»