شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٣٩٢
وبه بعث النبيين * (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه) * فالحاصل أن حالة اقتران الإسلام بالإيمان غير حالة إفراد أحدهما عن الآخر فمثل الاسلام من الايمان كمثل الشهادتين إحداهما من الأخرى فشهادة الرسالة غير شهادة الوحدانية فهما شيئان في الأعيان وإحداهما مرتبطة بالأخرى في المعنى والحكم كشيء واحد كذلك الاسلام والايمان لاإيمان لمن لا إسلام له ولا إسلام لمن لا إيمان له إذ لا يخلوا المؤمن من إسلام به يتحقق إيمانه ولا يخلوا المسلم من إيمان به يصح إسلامه ونظائر ذلك في كلام الله ورسوله وفي كلام الناس كثيرة أعني في الإفراد والاقتران منها لفظ الكفر والنفاق فالكفر إذا ذكر مفردا في وعيد الآخرة دخل فيه المنافقون كقوله تعالى * (ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين) * ونظائره كثيرة وإذا قرن بينهما كان الكافر من اظهر كفره والمنافق من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه وكذلك لفظ البر والتقوى ولفظ الإثم والعدوان ولفظ التوبة والاستغفار ولفظ الفقير والمسكين وأمثال ذلك ويشهد للفرق بين الإسلام والإيمان قوله تعالى * (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) * إلى آخر السورة وقد اعترض على هذا بأن معنى الآية * (قولوا أسلمنا) * أنقدنا بظواهرنا فهم منافقون في الحقيقة وهذا أحد قولي المفسرين في هذه الآية الكريمة وأجيب بالقول الآخر ورجح وهو أنهم ليسوا بمؤمنين كاملي الإيمان لا أنهم منافقون كما نفى الإيمان عن القاتل والزاني والسارق ومن لا أمانة له ويؤيد هذا سياق الآية فإن السورة من أولها إلى هنا في النهي عن
(٣٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 ... » »»