شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٣٦٨
وهل يجب الإسلام ما قبله من الشرك وغيره من الذنوب وإن لم يتب منها أم لا بد مع الإسلام من التوبة من غير الشرك حتى لو أسلم وهو مصر على الزنا وشرب الخمر مثلا هل يؤاخذ بما كان منه في كفره من الزنا وشرب الخمر أم لا بد أن يتوب من ذلك الذنب مع اسلامه أو يتوب توبة عامة من كل ذنب وهذا هو الأصح أنه لا بد من التوبة مع الإسلام وكون التوبة سببا لغفران الذنوب وعدم المؤاخذة بها مما لا خلاف فيه بين الأمة وليس شيء يكون سببا لغفران جميع الذنوب إلا التوبة قال تعالى * (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) * وهذا لمن تاب ولهذا قال * (لا تقنطوا) * وقال بعدها * (وأنيبوا إلى ربكم) * السبب الثاني الاستغفار قال تعالى * (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) * لكن الاستغفار تارة يذكر وحده وتارة يقرن بالتوبة فإن ذكره وحده دخلت معه التوبة كما إذا ذكرت التوبة وحدها شملت الاستغفار فالتوبة تتضمن الاستغفار والاستغفار يتضمن التوبة وكل واحد منهما يدخل في مسمى الآخر عند الإطلاق واما عند اقتران إحدى اللفظتين بالأخرى فالاستغفار طلب وقاية شر ما مضى والتوبة الرجوع وطلب وقاية شر ما يخافه في المستقبل من سيئات أعماله ونظير هذا الفقير والمسكين إذا ذكر أحد اللفظين شمل الآخر وإذا ذكرا معا كان لكل منهما معنى قال تعالى * (إطعام عشرة مساكين) * * (فإطعام ستين مسكينا) * * (وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم) * لا خلاف أن كل واحد من الاسمين في هذه الآيات لما أفرد شمل المقل والمعدم ولما قرن أحدهما بالآخر في قوله تعالى * (إنما الصدقات للفقراء والمساكين) *
(٣٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 ... » »»