شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٣٥٧
التي يحتج بها هؤلاء تعارض نصوص الوعيد التي يحتج بها أولئك والكلام في الوعيد مبسوط في موضعه وسيأتي بعضه عند الكلام على قول الشيخ وأهل الكبائر في النار لا يخلدون إذا ماتوا وهم موحدون والمقصود هنا أن البدع هي من هذا الجنس فإن الرجل يكون مؤمنا باطنا وظاهرا لكن تأول تأويلا أخطأ فيه إما مجتهدا وإما مفرطا مذنبا فلا يقال إن إيمانه حبط لمجرد ذلك إلا أن يدل على ذلك دليل شرعي بل هذا من جنس قول الخوارج والمعتزلة ولا نقول لا يكفر بل العدل هو الوسط وهو أن الأقوال الباطلة المبتدعة المحرمة المتضمنة نفي ما أثبته الرسول أو إثبات ما نفاه أو الأمر بما نهى عنه أو النهي عما أمر به يقال فيها الحق ويثبت لها الوعيد الذي دلت عليه النصوص ويبين أنها كفر ويقال من قالها فهو كافر ونحو ذلك كما يذكر من الوعيد في الظلم في النفس والأموال وكما قد قال كثير من أهل السنة المشاهير بتكفير من قال بخلق القرآن وأن الله لا يرى في الآخرة ولا يعلم الأشياء قبل وقوعها وعن أبي يوسف رحمة الله أنه قال ناظرت أبا حنيفة رحمه الله مدة حتى اتفق رأيي ورأيه أن من قال بخلق القرآن فهو كافر وأما الشخص المعين إذا قيل هل تشهدون انه من أهل الوعيد وانه كافر فهذا لا نشهد عليه إلا بأمر تجوز معه الشهادة فإنه من أعظم البغي أن يشهد على معين أن الله لا يغفر له ولا يرحمه بل يخلده في النار فإن هذا حكم الكافر بعد الموت ولهذا ذكر أبو داود في سننه في كتاب الأدب باب النهي عن البغي وذكر فيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين فكان أحدهما يذنب والآخر مجتهد في العبادة فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب فيقول أقصر فوجده يوما
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»